هاني لبيب
نصر على أعداء الإسلام'> الإسلام. هزيمة الحداثيين. مبارزة فكرية. صراع الحق والباطل. جدال وسجال الحقيقة والوهم. أصاب الخشت وأخطأ الطيب. قصف جبهة للخشت.
كان ما سبق هو مدخل العديد من التعليقات والتعقيبات على السوشيال ميديا عن الحوار بين د. أحمد الطيب، الأزهر'> شيخ الأزهر، ود. عثمان الخشت، جامعة القاهرة'> رئيس جامعة القاهرة، في إحدى جلسات «مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد في الفكر الإسلام'> الإسلامى»، الذي عُقد 27 و28 يناير الجارى.
وأود في هذا السجال- الذي أخذ منحى عشوائيًا وغوغائيًا وفوضويًا- أن أؤكد بعض الملاحظات المهمة بعيدًا عن حالة الجدل السفسطائى التي حدثت.
أولًا: لا يجوز بكل الأحوال.. تحويل نقاش علمى على الأفكار إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية، ولا يمكن قبول التجاوز في حق الأزهر'> شيخ الأزهر أو جامعة القاهرة'> رئيس جامعة القاهرة، وهو الأمر الذي بدأ أثناء النقاش من خلال إيحاءات قام بها بعض الحضور سواء بتوزيع الابتسامات الصفراء أو بالضحك أو التصفيق والتكبير، في تجاهل شديد لمكانة الأزهر'> شيخ الأزهر. وهو ما أوحى بأنها حرب وليست نقاشًا علميًا، فضلًا عن تحويل النقاش من ضوابط الوصول إلى أرضية مشتركة إلى معركة شخصية، ينتصر فيها طرف على طرف ثان.. وهذا بكل تأكيد يأتى عكس هدف عقد المؤتمر، إذ يرتكز على طرح الأفكار حتى لو كانت مخالفة لما يعتقده الآخرون، والرد عليها دون إحراج لأصحابها أو انتقاص منهم.
ثانيًا: التراث في نهاية المطاف هو منتج بشرى تم تفسيره وفقًا لعلوم العصر حينها ووفق الشائع في سياق المجتمع الذي تم فيه التفسير. وهو ما يعنى أن التراث له كل التقدير في سياقه التاريخى والثقافى والاجتماعى، فهو إنتاج عقلى بشرى ليس مقدسًا أو موحَى به من السماء.. ويمكن نقده ومراجعته سواء من خلال تطوير أدوات البحث العلمى أو النظريات الحديثة في التفسير والتأويل. التراث نسبى ليست له عصمة لأنه ليست له قيمة مطلقة.. وهو ما يجعل العلماء يؤكدون أن وسطية الإسلام'> الإسلام الحقيقية في الفصل بين ما هو مطلق كنص دينى وما هو نسبى يمكن نقده ومراجعته. وبالتالى، لا يجب الدفاع عن الدين تحت مظلة التراث، ولا فهم أن التمسك بالتراث هو السبيل للتمسك بالدين.. فالتراث هنا هو وسيلة للفهم قابلة للقياس والنقد والتحليل والمراجعة.
ثالثًا: قال د. أحمد الطيب، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إن إغلاق باب الاجتهاد وتوقف حركة التجديد يُظهر عدم الجدية في تحمل المسؤولية تجاه شبابنا وأمتنا، وقد صمت الجميع عن ظاهرة تفشى التعصب الدينى، وهى دعوات لا تعبر عن الإسلام'> الإسلام تعبيرًا أمينًا.
ولذا أكرر.. ما نحتاجه هو تجديد الفكر الدينى وليس الخطاب الدينى، فالخطاب هو نتاج الفكر، والتجديد هنا لا يعنى تغيير الثوابت أو تعديلها أو تحريفها، ولكن هو نوع من الانفتاح الفكرى والحيوية المعرفية من أجل تقديم اجتهادات دينية تتناسب مع متغيرات العصر المتلاحقة.
نقطة ومن أول السطر..
الدين ليس علمًا تحكمه النظريات الرياضية والفيزيائية، والتدين بأشكاله التقليدية ليس هو الدين، والمتدينون شعبيًا ليسوا المؤمنين الحقيقيين..
الدين معاملة.. والله محبة.
نقلا عن المصرى اليوم