محمد حسين يونس
بعد انتهاء الحرب الباردة بتفكيك الاتحاد السوفيتي وتفرٌد امريكا بالسيطرة الاقتصادية والسياسية علي العالم مع نهاية القرن العشرين لم يستطع الحكام الجدد ترويض الوحش الاسلامي الذى اوجدوه، رعوه ، دربوه، زودوه بالاسلحة ، و دعموه بواسطة حلفائهم في مصر و السعودية لضرب الاتحاد السوفيتي و تعويقه في افغانستان .
الاسلامجية الذين كانوا ياتمرون بواسطة خبراء المخابرات الامريكية لضرب القوى اليسارية الافغانية، انقلبوا علي مروضيهم و مولوا او ساهموا او نفذوا هجوما ارهابيا مع افتتاح القرن الحادى و العشرين في عقر دار سادتهم ليجعلوا العملاق الامريكي ( المنتشي من انتصارات حرب الخليج الاولي و الفوضى السوفيتية ) يترنح رعبا من المفاجأة ثم يتخبط و يندفع عشوائيا ينكل بشعوب لا ناقة لها و لا جمل فيما حدث له .
بعد حوالي عقدين من الزمن اكتشف المارد الامريكي انه قد زاد الأمر تعقيدا فالعراق و افغانستان المنكوبتان باستقبال قنابله و صواريخه و جنوده، تحولتا بالاضافة الي باكستان الي مسارح معارك و عمليات يقوم فيها الاسلامجية المدربين بتفجير انفسهم وترويع البشر لقد تضخم الوحش بقتاله، ففي مقابل كل خلية تقطع ينمو بدلا منها خليتان .. و انفجرت اغلب الشعوب المسلمة تزود الوحش الجديد بافراد يسعون لتنفيذ عمليات استشهادية في كل شبر من الارض وتحولت حكومات عديدة لتصبح اسلامجية الهوية في تركيا اللادينية ، السودان الصومال ..كما دارت معارك مشابهه في اليمن و الجزائر و غزة الفلسطينية .
الشعب الامريكي تخلص من هؤلاء الذين تسببوا في هذا النمو الاسلامي السرطاني، و أتى بطاقم جديد أعلن منذ اليوم الاول انه ليس مضادا للاسلام او المسلمين و ذهب رئيسه للقاهرة ثم تركيا يعد و يصفي الضغائن و يترك الباب مفتوحا لان يسوق وجه اخر للعملاق المهزوز من صدمه فقده لآلاف الضحايا المعتدى عليهم في عقر دارهم لاول مرة في التاريخ المعاصر .
السيناريو الامريكي كما شرحه من قبل اساتذة العلوم السياسية الامريكية ، هو خفض حجم التواجد الامريكي الجسدى داخل مناطق التوتر والاكتفاء بعمل كارنتينة حامية من نتائج الصراعات المحلية التي يجب ان يتم السيطرة عليها بواسطة القوى الاقليمية غير المشتركة في الصراع ، و التي يفضل ان تاخذ شرعيتها من قرارات المنظمات الدولية مثل مجلس الامن.. مؤتمر الثمانية او الاقليمية مثل جامعة الدول العربية أو تجمعات قارية في افريقيا، اوروبا، امريكا اللاتينية أو أحلاف مثل الناتو .
امريكا توقفت عن خوض معارك بجوار احد الاطراف ضد طرف آخر ما دام المنتصر يمكن السيطرة عليه في النهاية سياسيا واقتصاديا لفرض نفوذها، الاستراتيجية الجديدة عدم معالجة الجروح وتركها تتقيح حتي لو كانت لانظمة عميلة خدمتها بتفاني لسنوات طويلة .
امريكا تحمي مصالحها و التي تتلخص في ثلاث نقاط الاولى خفض العجز الاقتصادى الناتج عن التزامات خارجية بحيث لا يتجاوز النسب الصحية لعدم انهيار الامبراطوريات ( كما ذكر بول كنيدى في كتابة صعود و سقوط الامبراطوريات الحديثة خلال 500 سنة ) وذلك عن طريق تمويل الآخرين لمغامراتها العسكرية وبالتحديد اليابان والمانيا و دول الخليج و السعودية ..
والثانية استمرار السيطرة علي حركة النفط الذى تنتجه المنطقة لصالح الشركات الامريكية تستكشف و تستخرج و تنقل وتسوق و تستهلك الحصة المحلية في مشاريع وهمية أهمها بيع السلاح لجميع الاطراف مع التحكم في قطع الغيار و الذخيرة لضمان عدم استخدامه الا باوامرها ..
والثالثة الحفاظ علي امن اسرائيل وقوتها و قدرتها العسكرية في مواجهة اى مد قومي بالمنطقة، خصوصا ما يتصل بايران ..
مصالح امريكا تجعلها تدعم احط انواع الحكومات مادامت تحت سيطرتها و هي في نفس الوقت مستعدة للتخلص منهم اذا شكلوا عائقا امام استمرار الوضع دون تغير..
مصلحة امريكا ، استراتيجية دائمة لا تتغير يمولها ارباب الصناعة والبترول و لا يسمحون باى انتقاص لمكاسبهم ولكن الاختلاف يتم من خلال تغيير التكتيكات فالعصي و الجزرة لدى بوش، اذا فشلت تستبدل بزهور الترحيب لدى اوباما و اضاءة النور الاخضر للاسلاميين كي يمروا بعد تأمينهم الا يزاولوا ارهابا ... وهذا الوضع يتغير مع ترمب .. علي الأغنياء دفع ثمن حمايتهم .
. التلويح الانتهازى الذى تقوم به امريكا اليوم بما يسمي صفقة القرن ..لا يعني انها قد انحازت لجانب ضد اخر، فهذا من محرمات السياسة الامريكية وانما يعني " دع جروحهم تتقيح " ومن يفني فليغور ومن يبقي سيكون من الضعف بحيث يمكن السيطرة عليه.(نكمل حديثنا باكر )