بقلم - أماني موسى
شاهدت منذ أيام فيلم الممر الذي رصد بروح فنية كيف حارب الجيش المصري العظيم ورجاله البواسل في 73، وكيف أنهم قدموا أرواحهم بكل حب ورضا لأجل الوطن واسترداد قطعة غالية من ترابه رويت بدماء شهداءه "سيناء".
الفيلم عكس مدى قوة وبسالة جنودنا المصريين وخسة وندالة جيش العدو، وحمو المعركة بين الجانبين، إلا أنه في هذه الحرب كان العدو واضح ومعروف كما أن من معنا واضح ومعروف.. معركة شديدة مؤلمة بها خسائر نفسية ومادية وخسائر بالأرواح، إلا أنها تظل معركة واضحة ومحددة المعالم بما يسهل المهمة إلى حد كبير، وهو عكس ما يحدث هذه الأيام، حيث يحارب الجيش المصري "قوات مسلحة وشعب" قوى الشر المتمثلة في الإرهاب بمسميات لجماعات متعددة ولكنها واحدة الفكر والتوجه لديها حالة شبق لسفك الدماء، ولكن لا نعلم بالضبط أيًا منهم معنا وأيًا منهم ضدنا.. فالذين نحاربهم اليوم يتشاركون معنا الوطن وليسوا من دول معادية! يتشاركون معنا موارد هذا الوطن وسمائه وترابه، يتشاركون معنا المعيشة واللقمة، يشبهوننا في الشكل والمظهر والجينات والعرق، لكن عقولهم مسممة بأفكار قاتلة، أفكار رسخت لديهم على مدار عقود بأن الدولة والمجتمع بأفراده كافرين وجب قتالهم، بأن الذبح حلال، بأن الاغتصاب والسبي والسرقة "غنائم"، بأن الاقتتال والحرق والذبح وسفك الدماء "جهاد"!
وبتنا أمام معضلة كبرى، جسدها فيلم سوري يحمل اسم "سوريون" يرصد هذا الفيلم دخول داعش إلى سوريا لتخريبها، يرصد الجانب الإنساني غير المرئي لهذه الحرب الدائرة على الأراضي السورية منذ سنوات، يرصد فقدان الأشخاص لعائلاتهم بالكامل في الحرب ما بين ذبيح وأسير وآخر انقطعت أخباره، ما بين أب قتل وزوجة تم اغتصابها وابنة تم بيعها في سوق النخاسة لبيع البشر!
فيلم شديد الواقعية ولذا شديد الإيلام.. فيلم يجسد رائحة الدم والموت والخراب والتدمير الذي خلفه داعش وأعوانه بسوريا وببعض بلدان المنطقة العربية.
رصد الفيلم أيضًا وجود قوات أجنبية من عدة دول تحارب بجانب الدواعش، ولكن الأمر من هذا هو قيام البعض من أهل الوطن ببيعه للدواعش بل وتسليم أقاربهم وجيرانهم ومن جمع بينهم خبز وملح!! وهنا مكمن الخطورة.
ألا تعرف العدو بسمات واضحة بل أن جارك وصديق طفولتك وابن أبيك وصديق الأمس هو نفسه عدو اليوم الذي يسلمك لأيدي القتلة مقتنعًا بما يقوم به ربما لأجل المال أو النساء وربما لأجل قناعة فكرية بضلال هذه الجماعات.
الفرق بين فيلم سوريون وفيلم الممر أن الأول أكثر قسوة وصعوبة وهو السيناريو الذي تواجهه عدد من الدول العربية بدعم خارجي وتأييد البعض بالداخل، نأمل أن ينقذ الله ووعي الشعوب البلاد العربية على رأسهم مصر من براثن هذا الفكر الشرير القاتل الذي سيحول المنطقة إلى بقايا دول.