* انتحار شخص كل 40 ثانية، ومصر الأولى عربيًّا في معدلات الانتحار
* وانتحار سبعة من شخصيات الكتاب المقدس، أشهرهم شمشون ويهوذا
بقلم : رضا عزت
مؤخراً نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرًا عن ظاهرة الانتحار حول العالم لعام 2016. وجاء في التقرير أن شخصًا واحدًا ينتحر كل 40 ثانية، أي أكثر من الذين يموتون في الحروب. وتصدرت مصر قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين، حيث شهدت 3799 حالة انتحار في عام 2016.
وأظهر التقرير أن أكثر من نصف المنتحرين في العالم هم دون سن الـ45. وأن الغالبية من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15و29 عامًا. ويأتي الانتحار في المرتبة الثانية بعد حوادث الطرق كسبب رئيسي للوفاة. ومن أكثر طرق الانتحار شيوعًا الشنق والغرق والسقوط من أماكن مرتفعة وإطلاق النار وتناول المبيدات أو العقاقير السامة، أو الظهور المفاجئ أمام السيارات المسرعة أو القطارات، عمدًا... الخ.
والمثير في الأمر أن التقرير أوضح أن البلدان ذات الدخل المرتفع، لديها معدل أعلى لحالات الانتحار أكثر من غيرها من البلدان ذات الدخل المتوسط.
وتشير إحصائيات حديثة إلى تزايد عدد المنتحرين في العالم بصفة عامة وفي مصر بصفة خاصة.
والانتحار هو فعلٌ يقتضي إنهاء الشخص لحياته بنفسه عمدًا، مهدرًا بذلك حقه في الحياة. وهو سلوك فردي سلبي قديم يستخدم كوسيلة سلبية لمواجهة الأزمات الحياتية أو الاضطرابات النفسية. فحين تتراكم الأزمات الاجتماعية أو النفسية أو المالية أو العاطفية الضاغطة على الأفراد تبدأ فكرة الانتحار تراود الإنسان كمخرج سلبي سريع من الأزمة.
فكلمة الانتحار تعني قتل النفس بالنفس. ومن المشاهير الذين أنهوا حياتهم منتحرين، أسطورة السينما الأمريكية مارلين مونرو، والفنانة داليدا التي تناولت جرعة كبيرة من الدواء لتضع نهاية لحياتها تاركة رسالة كتبت فيها باللغة الفرنسية: «اعذروني.. الحياة لم تعد تطاق.» والزعيم الألماني أدولف هتلر وزوجته معًا، حيث قامت إيفا بابتلاع كبسولة تحتوي على سم السيانيد القاتل، بينما أطلق هتلر عيارًا ناريًّا على نفسه في 30 أبريل من عام 1945م.
والكتاب المقدس سجل سبع حالات انتحار لأسباب مختلفة:
1- أَبِيمَالِك: انتحر بسبب خوفه من التعيير، لئلا يقولوا عنه: قتلته امرأة
﴿فَطَرَحَتِ امْرَأَةٌ قِطْعَةَ رَحًى عَلَى رَأْسِ أَبِيمَالِكَ فَشَجَّتْ جُمْجُمَتَهُ
فَدَعَا حَالًا الْغُلاَمَ حَامِلَ عُدَّتِهِ وَقَالَ لَهُ: اخْتَرِطْ سَيْفَكَ وَاقْتُلْنِي، لِئَلاَّ يَقُولُوا عَنِّي: قَتَلَتْهُ امْرَأَةٌ. فَطَعَنَهُ الْغُلاَمُ فَمَاتَ﴾ قض 9 : 54.
2- شمشون: انتحر لينتقم من أعدائه الذين قلعوا عينيه.
﴿وَقَبَضَ شَمْشُونُ عَلَى الْعَمُودَيْنِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ الْبَيْتُ قَائِمًا عَلَيْهِمَا، وَاسْتَنَدَ عَلَيْهِمَا الْوَاحِدِ بِيَمِينِهِ وَالآخَرِ بِيَسَارِهِ. وَقَالَ شَمْشُونُ: لِتَمُتْ نَفْسِي مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَانْحَنَى بِقُوَّةٍ فَسَقَطَ الْبَيْتُ عَلَى الأَقْطَابِ وَعَلَى كُلِّ الشَّعْبِ الَّذِي فِيهِ﴾ قض 16
3- الملك شاول: انتحر بسبب الخوف من الفضيحة والتشوية
﴿وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ فَأَصَابَهُ الرُّمَاةُ.. فَقَالَ شَاوُلُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: اسْتَلَّ سَيْفَكَ وَاطْعَنِّي بِهِ لِئَلاَّ يَأْتِيَ هؤُلاَءِ الْغُلْفُ وَيَطْعَنُونِي وَيُقَبِّحُونِي. فَلَمْ يَشَأْ حَامِلُ سِلاَحِهِ لأَنَّهُ خَافَ جِدًّا. فَأَخَذَ شَاوُلُ السَّيْفَ وَسَقَطَ عَلَيْهِ.﴾ 1 صم 31: 3-4
4- حامل سلاح شاول: انتحر متمثلًا بسيده، وهنا نجد القدوة السيئة
عندما قتل شاول الملك نفسه ورأى حامل سلاحه أنه قد مات شاول، سقط هو أيضًا على سيفه ومات معه (1صموئيل31: 5).
5- أخيتوفل: انتحر خوفًا من عقاب الملك داود بعد مشورته التي لم يعمل بها.
﴿وَأَمَّا أَخِيتُوفَلُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَشُورَتَهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا، شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ وَقَامَ وَانْطَلَقَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَى مَدِينَتِهِ، وَأَوْصَى لِبَيْتِهِ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ وَمَاتَ وَدُفِنَ فِي قَبْرِ أَبِيه﴾ 1صم 17 : 23
6 – زمري: انتحر بسبب شعوره بالهزيمة والفشل
﴿وَلَمَّا رَأَى زِمْرِي أَنَّ الْمَدِينَةَ قَدْ أُخِذَتْ، دَخَلَ إِلَى قَصْرِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَأَحْرَقَ عَلَى نَفْسِهِ بَيْتَ الْمَلِكِ بِالنَّارِ، فَمَاتَ﴾ سفر الملوك الأول 16: 18
7 - يهوذا الإسخريوطي: انتحر لشعوره بالذنب العظيم، وعظم الخيانة التي ارتكبها في حق سيده البار يسوع المسيح الذي جال يصنع خيرًا كل أيام حياته
﴿حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ...
قَائِلًا: قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا.. فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ﴾ متي 27: 3-5
إن حياة الانسان غالية جدًا على قلب الله، فهو يحب الإنسان محبة عظيمة.
﴿وَمَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ.﴾ إر 31: 3
﴿لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.﴾ يو 3: 16
وحياتك ليست ملكك بل هي ملك لله الخالق؛ فليس من حقك أن تفعل بها كما تشاء. حياتنا ملك للرب يسوع الذي اشتراها بدمه الثمين بموته على الصليب. والله خلق الإنسان علي صورته، ﴿فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ﴾ وأعد خطة عظيمة لحياة كلًّا منا، فمشيئة الله وقصده هي الحياة للإنسان، أما الموت والهلاك من عمل إبليس ﴿السَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ﴾ يو 10 : 10
وحتي يختبر الإنسان الحياة المباركة المثمرة السعيدة، لا بد أن يسلم حياته للرب يسوع بتوبة صادقة وإيمان حقيقي وبعدها يختبر كيف يعيش حياة مباركة مثمرة لمجده
.
يقول الكتاب في إر 29 : 11 ﴿أَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً.﴾
إن مشاعر اليأس من الحياة والإحباط، التي تنتاب الإنسان وتدفعه للانتحار هي مجرد خداع وأكاذيب من الشيطان..
﴿أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا
يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ﴾ يو 8 : 44
ويؤكد الكتاب المقدس أن الحياة هي ملك الله، فليس من حقنا أن ننهي حياتنا أو حياة أي شخص آخر ﴿أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ
الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟﴾ 1كو6 :19
لذلك الحل لمواجهة مشاعر الإحباط واليأس ليس في إنهاء الحياة بل في الإيمان والثقة في الله ﴿تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ﴾ أم 3 : 5
﴿لأَنَّهُ بِهِ تَفْرَحُ قُلُوبُنَا لأَنَّنَا عَلَى اسْمِهِ الْقُدُّوسِ اتَّكَلْنَا. لِتَكُنْ يَا رَبُّ رَحْمَتُكَ عَلَيْنَا حَسْبَمَا انْتَظَرْنَاكَ﴾ (مز33: 20-22).
فالرب يسوع فاتح حضنه باستمرار للجميع قائلًا: ﴿تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم﴾ (مت11:28). ﴿لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص﴾ (رو 13:10)، ﴿وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه﴾ (يوحنا 12:1).
﴿إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدًا﴾ (2كور 17:5).
﴿الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة﴾ (يوحنا 24:5).