حكم الإدارية العليا بحظر ارتداء النقاب

لعل حكم الإدارية العليا الذى صدر اليوم بحظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس بجامعة القاهرة هو اتجاه صحيح نحو إعادة ترسيخ مفهوم الدولة المدنية .

 

فلا يمكن ان ننظر الى هذا الحكم من زاوية واحدة فقط وهو ان النقاب يتعارض مع العملية التعليمية وضرورة ان تكون وجه الأستاذة مكشوفا امام طلابها حسب المفهوم السيكولوجي والحركي للعملية التعليمية .

 

وأيضا وفق تقاليد الجامعة لكن فى رأينا ان مفهوم هذا الحكم هو يحمل رؤية  أبعد بكثير من كونة متعلق بالعملية التعليمية بجامعة القاهرة بمعنى رأينا ان قضاء مجلس الدولة هو دائما قضاء منشئ المبادئ ونحن نسمية فى غالب الأحيان هو قضاء الحريات وتفكيك من القيود فإن حكم الإدارية العليا فى نظرنا فى هذا القضاء الجرئ وهو يواجه مسألة عضوات هيئة التدريس المنتقبات انما يواجه فى نظرنا التيار الديني الذى يحاول ان يعطل او يحجب أعظم دستور فى مصر خاصة فى الباب الثالث منه وهو باب الحريات وعدم التمييز بسبب الدين او العرق او الجنس فهذا الحكم فى رأينا يرسخ مبادئ الدولة المدنية التى تقوم على عدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين او الجنس او اللغة او العرق ويقوم على مبدأ المساواة بين الجميع هذا الحكم يواجه عملية خطيرة باتت تقضى على الأخضر واليابس فى مجتمعنا وهو عملية الفرز الطائفي وتؤكد انه فى رأينا ان الدين هو حالة داخلية فى قلوب البشر ولا ينبغي ان نترجمها الى تميز بين الناس 

 

ان القاضي الجرئ الذى اصدر هذا الحكم وهو يؤكد فى حيثيات حكمه وانه وان كان الزى هو حرية شخصية للشخص الا انه ليس له ان يصطدم بتقاليد او نظام تضعه الجامعة وضرب مثال على ذلك القوات المسلحة والشرطة فإذا كانت العملية التعليمية هى العمود الفقري فى بناء الإنسان المصري فلا ينبغي ان يحطمها قيود التمييز والتفرقة والفرز الذى يكاد نراه فى معظم المؤسسات الحكومية فأصبح من السهل ان نميز أتباع الأديان من خلال موظف الدولة .

 

وأنا اعتقد ان هذا الحكم أيضا جاء ترجمة حقيقية وصادقة لما يكافح ويناضل من أجله الرئيس / عبد الفتاح السيسى من عدم التمييز والمساواة .

 

أننا نتطلع لمزيد من هذه الأحكام الشجاعة والجريئة التى تؤكد على مدنية الدولة وننظر اليوم الذى تخلو فيه قوانينا من اى صفة دينية الا فى مسائل فى الأحوال الشخصية فقط .

 

ونعود الى قول سعد زغلول وثورة 1919 الدين لله والوطن للجميع وأعتقد ان ثورة يونيه 30/6 قد فاقت هذا المدى بكثير .

القاهرة في  27 / 1  /2020