بقلم - د. عايدة نصيف
ولد ديكارت فى فرنسا عام ١٥٩٦ ،وتلقى تعليمه فى كلية لافليش اليسوعية ،ولكنه لم يرضى عما يدرس فى الكلية من مقررات دراسية حيث تبين له انها فى معظمها لا تخرج عن كونها تلقين لاراء القدماء، وأن الرياضة هى المعلم الوحيد الذى يقدم لنا معرفة يقينية ، تنقل ديكارت الى هولندا ثم المانيا، وظل يقوم باسفاره على نطاق واسع ،وفى عام ١٦٢٨ كتب " قواعد لهداية العقل " وهو كتاب لم ينشر فى حياته ،وفيه يبسط ديكارت قواعد منهجه الذى اراد به ان يكون منهجا للفلسفة والعلم على حد سواء
وفى عام ١٦٣٤ اتم تأليف رسالته التى تسمى " العالم " وفى عام ١٦٣٧ نشر ثلاث مقالات عن موضوعات فيزيقية ورياضية ،وقدم لها بمؤلفه الشهير " مقال فى المنهج " اذ كان مؤلفا وعمل فلسفى عظيم يكتب بالفرنسية ،وقد ابدع فيه اسلوبا للكتابة الفلسفية صار نموذجا يحتذى فى التعبير عن الفكر المجرد، وفى عام ١٦٤١ نشر ديكارت كتابه " تأملاته فى الفلسفة الاولى " ثم كتاب " التأملات " ويحتوى على أرائه فى نظرية الكون ،
وقد كانت شخصية ديكارت موضوعا لقدر كبير من الاهتمام والنقاش والتحليل ، فلم يكن ديكارت ميتافزيقيا فحسب او فيلسوفا بالمعنى الحديث ، بل كان ايضا عالما طبيعيا له اهتمامات بموضوعات فى الفيزياء ووظائف علم الاعضاء ،بالاضافة الى انه رياضيا ،ومازال استخدامنا لمصطلح " الاحداثيات الديكاراتية " فى الهندسة التحليلية شاهدا على ذكرى ابتكاره لهذا العلم ، وقد كان اهتمام ديكارت بالرياضة له تأثيره فى نسقه الفلسفى ، فقد كان يعتقد ان الرياضة تقدم لنا نموذج للمعرفة اليقينية ولمناهج تحصيلها ،ومن ثم اخذ على عاتقه أن يستكشف قوام هذا اليقين بمناهج عقلية فلسفية تكون واضحة كالمناهج الرياضية ،وقدم لنا قواعد المنهج فى التفكير المعروفة ،ثم وصوله الى القاعدة الديكارتية المشهورة التى تتأسس على العقل الا وهى " انا افكر اذن انا موجود" ثم توصل من خلال هذه القاعدة الى وجود الله ثم وجود العالم
فمضمون فلسفة ديكارت الثورية والذى اثر على كثير من الفلاسفة من بعده هو طرح السؤال الاتى " كيف اعرف ؟ محور للفلسفة فقد كانت فلسفته ميتافزيقية دينية تحاول التعمق الى الجذور ،كما كانت فلسفة للعلم الجديد تحتوى بذور التجريبية والمثالية الذاتية اللتين نشأتا فيما بعد ،نعم ديكارت قدم معطيات الوعى البشرى فى صورة منهج عقلى فلسفى منظم يصل الانسان من الشك الى اليقين وقد لقب بأبوا الفلسفة الحديثة
