كتب - نعيم يوسف
في مثل هذا اليوم، الموافق 18 يناير، عام 1863 تولى الخديوي إسماعيل حكم البلاد، ليبدأ نهضة كبيرة جدا في طول البلاد وعرضها، جعلت الكثيرين يصفونه بأنه المؤسس الثاني لمصر الحديثة.
في قصر المسافر خانة
في قصر المسافر خانة بالجمالية، وبالتحديد في يوم 31 ديسمبر عام 1830، ولد إسماعيل لأبيه إبراهيم باشا، وكان لديه اثنين أخوة غير أشقاء، وهما الأميرين أحمد رفعت ومصطفى فاضل، ومنذ صغره حرص والده على تعليمه خاصة اللغات، حيث تعلم العربية والتركية والفارسية، وعندما كان في سن 14 سنة، أصيب برمد صديدي، فأرسله والده إلى النمسا من أجل العلاج والتعليم.
منفتح على العالم
إسماعيل لم يكن منغلقا، ولكنه كان منفتحا إلا أن هذا الانفتاح لم يأتي من فراغ، بل من تنشئته وتعليمه، وبالإضافة إلى سفره إلى النمسا، فقد سافر إلى باريس، حيث تعلم الهندسة والرياضيات والطبيعة، واللغة الفرنسية، كما انضم للبعثات العلمية الخامسة في باريس، وبالتالي حصل على قدرًا مميزًا من التعليم أفاده فيما بعد في حياته.
مهمات في خارج البلاد
بعد وفاة والده إبراهيم باشا، تولى عباس حلمي الأول، وكان هناك كراهية بينهما وبالتالي سافر إسماعيل إلى الأستانة، حيث عينه السلطان عبد المجيد الأول عضواً بمجلس أحكام الدولة العثمانية، ومنحه البشاوية، وعاد إلى مصر بعد وفاة عباس حلمي، في عهد سعيد باشا، الذي وجد في كنفه عطفا كبيرا، واعتمد عليه في بعض اللقاءات الخارجية مثل لقائه مع نابليون الثالث، والبابا بيوس التاسع، وأيضا أرسله للسودان في مهام لصالح البلاد.
تولي الحكم دون معارضة
عقب وفاة سعيد باشا، وفي 18 يناير، عام 1863 تولى الخديوي إسماعيل حكم البلاد، دون معارضة وذلك لوفاة شقيقه الأكبر أحمد رفعت باشا، وبدأ في قيادة مصر في نهضة كبيرة جدا، خاصة بعد استقلال مصر عن الدولة العثمانية، ولم تعد مرتبطة بها إلا في دفع الجزية فقط، وعقد المعاهدات السياسة، حيث حول مجلس المشورة الذي أسسه جده محمد علي باشا إلى مجلس شورى النواب، كما أسس حول الدواوين إلى نظارات، ووضع تنظيم إداري للبلاد، وإنشاء مجالس محلية منتخبة للمعاونة في إدارة الدولة، أصبح للمجالس المحلية حق النظر في الدعاوي الجنائية والمدنية، وفي عهده أيضا تم إلغاء المحاكم القنصلية وتبديلها بالمحاكم المختلطة، وانحصر اختصاص المحاكم الشرعية في النظر في الأحوال الشخصية.
إنجازات كبيرة
في المجال العمراني، أنشأ قصور فخمة مثل قصر عابدين، ودار الأوبرا الخديوية، وكوبري قصر النيل، والبريد وتطوير السكك الحديدية، وتم إضاءة الشوارع ومد أنابيب المياة، ولعل أشهر مشاريعه هو مشروع قناة السويس وإقامة احتفالها الأسطوري، كما عمل على زيادة مساحة الأراضي الزراعية، وحفر ترعة الإبراهيمية في صعيد مصر، وترعة الإسماعيلية في شرق الدلتا، وإنشاء العشرات من المصانع بينها 19 مصنعا للسكر، وبناء 15 منارة في البحرين الأحمر والمتوسط لإنعاش التجارة، وإصلاح ميناء السويس وميناء الإسكندرية.
الاهتمام بالتعليم
اهتم الخديوي إسماعيل بالتعليم أيضا، وأنشأ ميزانية لنظارة المعارف، ووضع قانونا للتعليم، وتحملت الحكومة تكلفة تعليم التلاميذ، وأنشأ دار الكتب، والجمعية الجغرافية ودار الآثار، وظهرت الصحف، وأنشأ أول مدرسة لتعليم الفتيات في مصر، وهي مدرسة السنية (1873)، واهتم أيضا بمجال الصحة حيث كان للإدارة الصحية فضل كبير في مقاومة الأمراض ومكافحة الأوبئة، وخاصةً وباء الكوليرا الذي حل بالبلاد سنة 1865.
حياته الشخصية
على المستوى الشخصي، تزوج 15 سيدة، وأنجب الكثير من الأبناء أبرزهم توفيق الذي تولى الحكم من بعده.
تراكم الديون وعزله ووفاته غريبًا
نتيجة لتراكم الديون على مصر تسبب ذلك في زيادة التدخلات الخارجية، وأدت النزعة الاستقلالية للخديوي إسماعيل في حكم مصر إلى قلق السلطان العثماني، بالإضافة إلى الأطماع الاستعمارية لكل من إنجلترا وفرنسا لمصر وتحت ضغط كل من قنصلي إنجلترا وفرنسا على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني أصدر فرماناً بعزل الخديوي إسماعيل في 26 يونيو 1879م، وبعدها سافر إلى نابولي بإيطاليا، ثم انتقل بعدها للإقامة في الأستانة، وتوفي في 2 مارس 1895 في قصر إميرجان في إسطنبول الذي كان منفاه أو محبسه بعد إقالته.