الأقباط متحدون | بطلان الدستور.. وسلطان الدستورية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٢:٠٨ | الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ | ١٦ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٨٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

بطلان الدستور.. وسلطان الدستورية

بقلم: إبراهيم عيسى | الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ - ٤٤: ٠٧ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

يرتكب المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، خطيئة سياسية كبرى فى حق مصر لو تعامل مع قضية بطلان انتخابات مجلس الشعب المحالة إليه من المحكمة الإدارية العليا كأنها قضية عادية وملف طبيعى، تجوز معها الإجراءات البيروقراطية المعتادة والروتين التقليدى لترتيب نظر القضايا والبت فيها من خلال قضاة المحكمة الدستورية!
 
أن يكون أول برلمان بعد ثورة يناير محل طعن فى شرعيته واتهام ببطلان انتخاباته، فهذا أمر يجعلنا نشعر بخطورة المضى فى قوانينه وإجراءاته، وهو مشوب بشبهة البطلان حتى لو كان ما يصدر عنه ومنه يكتسب الصحة القانونية، لكن المسألة أبعد من الصحة القانونية إلى الصحة السياسية إلى موضع الشبهات الذى يلاحق سياسيا كل ما ينتج عنه، خصوصا أن البرلمان مطالَب بمراجعة قوانين سابقة صدرت فى عهد ماض!
لكن الأخطر أن هذا البرلمان منوط به وضع دستور مصر الدائم (..) الجديد عبر لجنة يشكل نصفها أعضاء البرلمان نفسه، ونصفها الآخر يختاره أعضاء البرلمان ذاته!
 
كيف يمكن أن نسلم دستور مصر المنتظر لبرلمان قد يكون منتخَبا بشكل غير شرعى أو بقانون مطعون فى شرعيته ودستوريته؟!
لا يمكن لمصر أن تتحمل أن يأتى دستورها من مجلس ثبت عدم دستوريته، وما بُنى على باطل فهو باطل مع احترامنا البالغ للكلام البليغ عن أن الحكم ببطلان المجلس لن يسبب انهيارا دستوريا، لأنه فى الحقيقة سيصنع انهيارا سياسيا إذا كان المجلس قد أصدر دستور مصر ووافقت عليه جماهير الشعب فى الاستفتاء، فيكون المصريون ساعتها كمن وافق على شراء بضاعة مسروقة، لكن طالما هو لم يعرف ساعتها أنها مسروقة تبقى حلالا عليه!
 
لا يوجد ضمير حى فى الدنيا كلها يرضى أن يمضى برلمان مطعون فيه فى تشكيل لجنة لصياغة دستور، هذا كلام يتجاوز المنطق ويتحدى العقل الراشد السليم، لا بد أن تكون صاحب غرض أو مصلحة كى تقبل بأن يستمر هذا العته السياسى يدير بلدنا فى سلسلة من الأخطاء القانونية والسياسية المذهلة منذ تنحى مبارك.
 
لقد رضى الجميع، تواطؤًا أو تورطًا، بأن ينقل مبارك سلطاته إلى المجلس العسكرى، رغم أنه قرار ليس دستوريا ولو بشلن! وسكتنا عن هذا العوار الدستورى باعتبارها ثورة، لكن المجلس العسكرى هو نفسه الذى لم يكن مقتنعا بالثورة وشرعيتها، فبدأ يجد لنفسه شرعية وهمية ومصنوعة اسمها استفتاء مارس الماضى، الذى لم يكن مطروحا فيه على الإطلاق شرعية «العسكرى»، لكن أهو حكم القوى.
 
سكت الجميع عما نحن فيه من عبث قانونى يوم قَبِلنا بقانون أحزاب يسمح بالأحزاب الدينية أن تتأسس وأن تمارس السياسة، وسكتنا يوم خرج قانون انتخابات ملىء بالثغرات والخزعبلات، وسكتنا يوم طنش الجميع على إعلان دستورى لم يحترم الاستفتاء، وسكتنا يوم حصّن «العسكرى» لجنة انتخابات الرئاسة من أى طعن.
 
سكتنا عن كل هذا ضعفًا أو غفلة أو انتهازية من بعضنا.
لكن اليوم السكوت مُحرَّم مُجرَّم، فكيف لنا أن نسكت عن مهزلة صدور دستور من مجلس مطعون فى شرعيته وهو كله بقضِّه وقضيضه مهدد بالخروج من بهو البرلمان إلى الرصيف؟!
والأمر ليس فيه نكاية فى الإخوان ولا التيار الدينى، فهو بالمناسبة سيكسب الأغلبية فى أى انتخابات قادمة حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، ومن ثم لا خوف على أغلبيته، ولكن الخوف على أن يحكمنا وهو باطل فى باطل، لذلك ليس أمام القوى الوطنية الآن إلا أن تستيقظ من غفلتها، ومن تزاحمها على التفاهات والصغائر، وليس للإخوان المسلمين والسلفيين إلا أن يتنبهوا إلى خطورة أن انتصارهم محفوف بالبطلان ومهدد بسحب شرعيته، وليس أمام المجتمع كله إلا أن يتمرد على جهله وتجاهله، لما ينقاد إليه، ولا بد للجميع أن يلزموا أنفسهم بالتوقف عن أى إجراءات خاصة بوضع دستور جديد، إلا بعد أن تبت المحكمة الدستورية فى شرعية هذا البرلمان طبقا للقضية التى أحالتها إليها المحكمة الإدارية العليا، هذا أمر جلل وخطير، وليس مسموحا للمحكمة الدستورية أن تضعه كما تضع أى قضية أخرى فى درج أو فى دور حسب قائمة الطلبات، ولا يمكن أن تتعرض هذه القضية للتسويف والتأجيل الذى كنا نعرف مبرراته فى الماضى، حيث انتظار التعليمات أو المواءمات، لكن الآن مصر كلها على المحك فلا مماحكة بوقت ولا محاججة بروتين وإجراءات، وإذا كنا سنكتب دستور مصر فى شهر، وهو الأهم والأخطر فى حياتنا، ألا يمكن أن نحكم فى دستورية قانون فى شهر أيضا؟
 
تستحق مصر فى هذه القضية النظر العاجل «لا المتعجل» والفحص السريع «لا المتسرع» والحكم القاطع «لا الحكم بالقطيع»، فإما أن يكون البرلمان شرعيا فيستمر فى إجراءات تشكيل لجنة الدستور وصياغته، وإما أن يكون باطلا فيتم حل المجلس وإعادة الانتخابات لإعادة بناء مصر بالشرعية، وليس بالملوخية التى لم نعرف غيرها منذ عام، وتحديدا من يوم 12 فبراير الصبح!

نقلا عن الدستور




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :