سليمان شفيق
النخب القبطية من فشل الي فشل ومقعد كنسي من أجل مقعد نيابي
تفكر أغلب النخب المصرية السياسية.. وفق منظومة عصر الثورة الصناعية، وتفتقد الرؤية لإدراك منظومة تفكير ثورة الاتصالات، فنجدها تلقى اللوم على الإعلام وكأنه صانع الأزمات.. رغم أنه كاشف وليس منشأ لتلك الأزمات، كما نجد أغلب قادة الأحزاب فى مصر لا يجدون آلية لمعالجة أزماتهم إلا عن طريق شخصنتها، وأتوقف هنا أمام حالة «الذهول» التى انتابت أغلب الأقباط فى مصر من خروج الرهبان من «القلالى» إلى العالم والفضائيات، وأحساس البعض أنها نهاية العالم، ودون الدخول فى تفاصيل الأزمة، فإن الجميع لا يدركون أن الأديرة دخلتها الحداثة قبل الكنيسة، ومن يتأمل الأزمات الديرية المتكررة وسرعة انتقال أخبارها يدرك أن معظم الرهبان يمتلكون أجهزة حديثة من تليفونات محمولة وحاسبات آلية شخصية، فى الوقت الذى تأخرت فيه الكنيسة ربع قرن عن ملاحقة حداثة الدير وعينت منذ عام فقط متحدثا رسميا، وتأخر إدراك المنظومة الكنسية للمجتمع المدنى «القبطى»، ومن ثم أصبحت الكنيسة مطالبة بإعادة النظر فى منظومة الرهبنة وفق متغيرات عصر ثورة الاتصالات، وتجديد مفهوم النذور الثلاثة «الفقر والعفة والطاعة» ولا أقول تغييرها.
على الجانب الآخر لاحظت أن الخلافات الحزبية المطروحة ، والتي تحولت فيها الاحزاب غير العقائدية الي جماعات مصالح ، لكن اغلب ما يطلق عليها احزاب اما حزب يعبر عن نفسة ليس كحزب الحكومة بل جهاز حزبي حكومي ، واخرين مع احترامى مازالوا يعيشون أسرى مفهوم الحزب «الهرمى أو الشمولى» الذى تأسس فى نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين فى مصر، حيث الحزب «طليعة طبقية»، أو زعيم ومستويات خاضعة لبعضها البعض، وتراجعت الاحزاب الحديثة التي تأسست بعد ثورة 25 يناير ، كأول تجربة مصرية للحزب السياسى الذى يمثل ذراعا سياسيا لجماعات ضغط اجتماعية واقتصادية، حزب «شبكى» لا «هرمى» بلا زعيم يؤمر فيطاع، وخلق مناخ اقتصادي تنظيمى مدنى، حزب مؤسساته الاجتماعية والنوعية تتمتع بشبه استقلالية تنظيمية ورؤية سياسية، حزب رئيسة اقرب الي المنسق ،ولائحته تخضع لتطور البنية التنظيمية وليس العكس، وله ثلاث غرف تنظيمية مترابطة ومستقلة فى نفس الوقت ، وكانت الاحزاب الوجيدة التي يتمثل فيها قطاعات الوطن الثلاثة «رجال دولة ومجتمع مدنى وقطاع خاص»، وكانت هذة الاحزاب لديها رؤية للحزب الذي يشكل «الذراع السياسى لقوى اقتصادية واجتماعية»، حزب يمثل ثورة الاتصالات، شخصنوا الأمور أو أعزوا هذا إلى النواحى المالية، رغم أن أغلب من قاموا بذلك رجال أعمال لديهم مؤسسات اقتصادية، وللاسف نتيجة تخلف الحياة السياسية عامة والخلافات بين اصحاب تلك الاحزاب فشلت هذة الاحزاب ، وخسرنا تجارب حزبية جديدة ، لرغبة بعض قادتها اما للالتحاق بمفهوم الحزب كجهاز مساعد للحكومة ـ ولا اقول حزب حكومي ـ او العكس كرعبة في التحول الي حزب هرمي في وقت سقطت فية الهرمية .
لذلك تعانى أغلب النخب المصرية الدينية والمدنية فى أزمة فهم أننا نعيش فى عالم متغيير، حيث البنى الفكرية والتنظيمية انتهى عمرها الافتراضى، ولا يحتاج الأمر سوى إعادة النظر فى رؤيتنا وطرق تفكيرنا، وأساليب عملنا.
هكذا فالنخب المصرية أدمنت الفشل، أغلبية الشعب ضدها، ويصدق ما يروج عنها من تربح وكسب غير مشروع، لأنها لم تقدم ما يقنع الشعب بأهميتها، وتستمد مكانتها من الخارج وليس من الشعب، بينما النخب السياسية تلهث وراء مقاعد مجلس النواب أو «الاتجار باسم الرئيس السيسى»، تكتلات وجبهات تحاول فرض نفسها عبر فضائيات يهيمن عليها إعلاميون يهيلون التراب على ثورة 25 يناير ويهينون نضال الشعب المصرى ودماء الشهداء لصالح عودة لجنة السياسات الفاسدة، ووجدوا فى قطاعات من اليسار «محلل سياسى» لفسادهم، ولا يوجد سوى وقطاعات من الشباب المستقلين، وحدهم يحاولون السباحة ضد التيار، تحكمهم أجندة وطنية ويسعون لتحقيق سياسات وطنية تهدف لخدمة مصر، ولكن مولد "النواب والشيوخ" والطرق السياسية «المصلحية » تحاول الانقضاض على كل شىء.. ولما لا؟.. حتي وصل الامر الي محاولات بعض الانتهازيين بكافة الطرق الصعود حتي ولو بأي من افراد اسرهم زوجات او ابناء الي اي من المجلسين رغم فساد رؤيتهم وعبث تصوراتهم الفاسدة بل والمشبوهة ، او من تقدم اي "تطبيل" واي ثمن لكي تصعد الي اي مقعد نيابي دون ادني فكر سوي مداهنة الاجهزة والقفز علي اي قيم وطنية او اخلاقية .
على الجانب الآخر من الضفة.. النخب القبطية التى لم تعد تملك من إرادتها شيئا، تارة تتحلق حول الصفوف الاولي في الكاتدرائية بالاعياد والتقاط صورة مع قداسة البابا تواضروس الثاني ربما يؤدي ذلك الي الدعم حتي تضغهم الدوولة في القوائم الانتخابية ، وأخرى حول تلعب دور لصالح الاجهزة في الكنيسة ، وثالثة حول مقاولى الانتخابات، وتلخص النخب القبطية نضالات الأقباط فى عودة سيدة هاربة من زوجها، او فتاة اختفت ، او الاستقواء بالطائفية ، في غياب للمجلس الملي العام .
المنظمات المدنية التى دفعت الدم، مثال اتحاد شباب ماسبيرو، تعمدت جهات أمنية وكنسية لتجنيد البعض وإحداث الانقسامات، بل تحويل البعض منهم الي قليلي الحيلة ، وحتى قداسة البابا الوطنى تواضروس الثانى لم يسلم من تداخلات ابناء العصر السابق او اصحاب المصالح » هؤلاء الذين جندوا بعض "المرتزقة " وفتحوا لهم مواقع فى الخارج للهجوم على البابا، لكن كل ذلك لا علاقة له بنضال المواطنين الأقباط ولا باستحقاقاتهم الوطنية والروحية.
هؤلاء لا يهمهم وطن ولا كنيسة ولا الفقراء والبناء الاجتماعي بل يحاولون التكسب حتي بأسم مسار العائلة المقدسة علي ارضية البيزنس المقدس ؟!!
نحن أمام شعب يضحى ويدفع من دمائه ضد الإرهاب.. ونخب مهترئة ليست محل احترام هذا الشعب. سينتصر شعبنا.. وسيحقق أمانيه الوطنية وستذهب هذه النخب إلى مزبلة التاريخ، لأن تلك النخب كل ما تسعى إليه هو مصالحها الشخصية، وستبقى مصر والكنيسة شامختين.