بقلم: أندرو اشعياء
نظر بغل وحسد نحو عرش عظيم، والجالس فوقه شبه نار آكلة، أو شمس متوهجة بالنور والطهر، حدّث نفسه في شفقة ذاتية وفي عينيه نظرة استحقار لربوات وألوف من بني جنسه يسجدون أمام العرش ويسبحون بغير فتور أو ملل، وقال " أنا ملآن حكمة ومعرفة، أنا زهرة بنت الصبح، أنا أشد لمعان من ضوء الشمس،
أنا مملوء جمال وبهاء، أنا الضياء والفطنة، أنا يجب أن أرفع عرشي فوق عرشه، أنا مستحق أن يسجدوا لي ويمجدوا بهائي، ما أمتع كلمة أنا، إنها تمنحني الاحساس بذاتي العظمى وجمالي الفائق"
أفاق من خيالاته على صوت هادر كخرير المياه، وهاله آلاف من الصواعق الحارقة المندفعة نحوه بكل عنف، ولم يدري إلا وهو منطرح تحت أقدام كائن عملاق شديد البريق، وأغمض عينيه من هول صوت شديد القوة يصرخ قائلا "مي كا إيل؟!" (أي: من مثل الله) اهتزت له جنبات السماوات بعنف.
فتح سطنائيل عينيه ببطئ محاولا أن يستوعب ما قد حدث في تلك اللحظة الخاطفة، وانزعج بشدة عندما رأى نفسه ضئيل الحجم أمام رفيقه العملاق الذي كان قريبا منه في القوه والرتبه فيما سبق، وانزعج بعنف شديد وهو يطالع كمية السواد القاتم التي غطت كل كيانه، وكاد أن يختنق من هول رائحة كريهة جدا من العفن تسللت إلى أنفه، وكم كانت صدمته عندما أكتشف أن هذه الرائحة تنبعث من كل كيانه.
أشار الجالس على العرش العظيم لواحد من القواد المنيرين الواقفين رهن خدمته، فطار بجناحين هائلين يشق صفحة السماء بجبروت فائق، حاملا تاجا كريما لا يُستطاع النظر إلى بهاء لمعانه، ووضعه بهدوء ووقار وتقدير على رأس الكائن السمائي العملاق الذي طرح سطنائيل أرضا، وقال الملاك في صوت رهيب كخرير المياه الكثيرة "ميخائيل رئيس السمائيين هو الأول فى الطقوس الملائكية يخدم أمام الرب".
وراحت جوقة مكونة من آلاف مؤلفة من الملائكة، مصطفين في فريقين حول العرش، يردون بفرح قائلين "أكسيوس أكسيوس أكسيوس ميخائيل بي أرشي أنجيلوس".
انحني ميخائيل بتواضع شديد، وسجد جهة الجالس على العرش بمزيج من الخجل والامتنان والحبور، في الوقت الذي تعالت فيه صرخات "سطنائيل" الذي عُرف سابقا بـ "زهرة بنت الصبح" قبل أن يفقده الكبرياء بهائه ويسقط من رتبته الأولى، كان سطنائيل يولول بحرقة وألم رهيبين، ويتلوى على الأرض كالمحموم، لاطما على وجهه بعنف وغضب وحسرة.
قام أحد جنود سطنائيل مدفوعا بالشفقة على قائده، وصرخ قائلا "أيها القائد ميخائيل، لماذا صرعت قائدي العظيم سطنائيل، وما المانع أن يطمح في أن يكون مثل الله، ألا يجب أن تتقبل اختلافه معك؟!" رد ميخائيل بقوة وجرأة وثقة "هذا ليس اختلافا في الرأي ولكنة سرقة لمجد الله الذي لا يدانيه مخلوق، أنت بشقاوة رأيك وتعاسة تفكيرك تريد تبرير الخطأ وتمرير التعدي، ملعون أنت وكل من يقبل أفكارك الضالة". وما أن اكمل ميخائيل كلامه حتى سقط الجندي يتلوى وبدأ يتحول لونه إلى الأسود القاتم، وكان دخانا نتنا جدا يتصاعد منه وسط صرخاته المدوية التي تشبه صرخات انسان يحترق ببطئ في لظى نارا قاسية..
قام آخر من جنود سطنائيل مدفوعا بالشفقة على قائده، وصرخ قائلا "أيها القائد ميخائيل، لماذا صرعت قائدي العظيم سطنائيل، وما المانع أن يطمح في أن يكون مثل الله، أنه ليس خلافا بل تنوع جميل"
رد ميخائيل بقوة وجرأة وثقة "هذا ليس تنوعا وليس جميلا، بل هو غيرة مرة وحسد، والحق له وجهًا واحدًا، ولا يقبل تعدد الوجوه، كما أن الله واحد فالحق واحد، أنت بشقاوة رأيك وتعاسة تفكيرك تريد تبرير الخطأ وتمرير التعدي، ملعون أنت وكل من يقبل أفكارك الضالة"
وما أن أكمل ميخائيل كلامه، حتى سقط الجندي يتلوى وبدأ يتحول لونه إلى الأسود القاتم، وكان دخانا نتنا جدا يتصاعد منه، وسط صرخاته المدوية التي تشبه صرخات انسان يحترق ببطئ في لظى نارا قاسية..
وهكذا .. "وحدثت حرب في السماء: ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته ولم يقووا، فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء، فطرح التنين العظيم، الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل العالم كله، طرح إلى الأرض، وطرحت معه ملائكته" (رؤ 12: 7 - 9 )