وسيم السيسي
كنت فى الهايد بارك «لندن»، وجدت شابا تحت شجرة يخاطبها، وحوله عدد قليل من الشباب يستمعون إليه وهو يقول: إنى أعبدك أيتها الشجرة، نحن وعالم الحيوان عالة عليك، أنت تعطيننا الأكسجين، وتأخذين ثانى أكسيد الكربون تصنعين منه الغذاء بواسطة الشمس والكلوروفيل «التمثيل الضوئى»، لولاك لما كانت لنا حياة!
تذكرت نيكولا تسلا «1856- 1943»، هذا الشاب العبقرى الصربى «وُلد فى كرواتيا»، التقى بتوماس إديسون فى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت هناك مشكلة فى المولدات الكهربائية عند إديسون، وعده بخمسين ألف دولار إذا حل له هذه المشكلة، وبعد سنة من العمل المتواصل 18 ساعة يومياً، استطاع تسلا حل المشكلة بالتيار المتردد بدلاً من تيار إديسون المستمر، وحين طالبه تسلا بالمكافأة، ضحك إديسون وقال له يبدو أنك لا تفهم روح الدعابة الأمريكية! استقال تسلا فوراً وقال: «إن إديسون رجل أعمال وليس عالماً، إنه رجل بلا ضمير»، كان تسلا يرى أن الأرض قطعة من الشمس، وأننا وطعامنا أجزاء مجمدة من الشمس! وأن الشمس هى الحياة.
نال تسلا براءات اختراع عن التيار المتردد الذى قضى على فكرة إديسون فى التيار المستمر، بل أصبح مليونيراً بعد مشاركته جورج وتنجهاوس وحصوله على مائة مليون دولار.
حاربه إديسون حرباً قذرة، كان يصعق الحيوانات بالتيار المتردد، كما صمم الكرسى الكهربائى، وبنفوذه أعدموا رجلاً محكوماً عليه بالإعدام بالكرسى الكهربائى، تشويهاً لتيار تسلا المتردد alternating current.
ولكن فى النهاية انتصر تسلا، وأصبح العالم كله يستخدم تياره المتردد، فما كان من إديسون إلا أن أحرق معمله بكل اختراعاته وأوراقه، ولكن لم يترك أثراً لجريمته! ولكن تسلا استعاد إنجازاته من الذاكرة!
كرم العالم تسلا، وأجلسه على كرسى فاراداى، وسجل له سبعمائة اختراع، سرقوا الكثير منها ونسبوها إلى غيره: أشعة السلام، الطاقة الكهربائية المجانية للعالم كله، اختراق الزمن، إخفاء الأجسام «تجربة فيلادلفيا»، التحكم فى السفن والطائرات عن بعد، إحداث الزلازل، إنه أبوالفيزياء الذى ظلمه التاريخ.
كان تسلا مولعًا بالشعر، والموسيقى، والحمام، والفكاهة، كان متقنا لسبع لغات. هو صاحب فكرة آلة الزمن «h-g- wells»، قال إنه اتصل بكائنات من كوكب المريخ، أضاء شلالات نياجرا بمولدات كهربائية، أقاموا له تمثالاً هناك، هاجم ألبرت أينشتين وقال إن نظريته فى النسبية كلها أخطاء، وبالرغم من ذلك أرسل أينشتين له خطاباً يهنئه بعيد ميلاده الخامس والسبعين!.
بدأ البنتاجون فى مراقبته، سرق اختراعاته، حاصره، مات فقيراً وحيداً «لم يتزوج»، فى السادسة والثمانين بعد أن خدعه توماس إديسون مرتين، مرة فى باريس «إحدى شركات إديسون»، ومرة فى نيويورك حين حرمه من المكافأة التى وعده بها، 50 ألف دولار.
قالوا: الأدب فضلوه على العلم. وقال أمير الشعراء: إنما الأمم الأخلاق.. والأمة التى نأسف على تاريخها مع السود والهنود الحمر، لا تعجب مما فعله أحد أبنائها «إديسون» مع تسلا الذى لولاه لما كانت الجنة التى نعيشها الآن.
نقلا عن المصري اليوم