عائلات قبطية: نحترم الجلسات العرفية ولكن لا أمن ولا أمان إلا بعودة الشرطة
تنفست قرية «شربات النهضة» بالعامرية الصعداء، بعد عودة الهدوء إليها فى أعقاب أزمة طائفية، نشبت بسبب شاب قبطى أقام علاقة عاطفية مع فتاة مسلمة، وهو ما أدى لاضطرابات طائفية فى القرية، تم على إثرها تشكيل لجنة تحكيم عرفية فى محاولة لوأد الفتنة، لكن هذه اللجنة، قضت بتهجير 8 أسر مسيحية من القرية، وهو ما قابلته قوى سياسية واجتماعية بالرفض، وعلى إثر ذلك شكل مجلس الشعب لجنة تقصى الحقائق، قضت ببقاء العائلات فى القرية، وترك قضية الشاب المتسبب فى الأزمة للقانون.
وعقدت اللجنة جلسة طويلة بواحة عمر بمنطقة برج العرب، وتم الاتفاق بين عائلة الشاب والفتاة وكبار المشايخ والنواب، على عودة عائلة «إيساخرون أبوسليمان»، إلى منازلهم بقرية النهضة، بعد حصر جميع التلفيات والخسائر التى لحقت بمنازلهم، والتكفل بعلاج المصابين على نفقة المحافظة.
«الشروق» توجهت إلى قرية «شربات النهضة» لرصد أصداء قرارات اللجنة البرلمانية على أرض الواقع، فكان العنوان الأبرز بالقرية هو الهدوء، وعودة الأمور إلى طبيعتها.
يقول ربيع جابر، من شباب القرية، إن قرار اللجنة البرلمانية بعودة عائلة أبوسليمان إلى مساكنها كان قرارا صائبا ومحل اتفاق من الجميع، لولا ثورة الغضب التى كانت قد أثرت فى عدد من الشباب الغاضب وعلى قرارات اللجنة العرفية من قبل أن تأتى لجنة البرلمان.
أما رمضان محمد إبراهيم فقد أكد أن لجنة تقصى الحقائق ولجنة الحكماء بالقرية قد قامتا بإزاحة البنزين من جانب النيران، وأن صوت العقل والدين كان مع رجوع عائلة أبوسليمان التى لم ترتكب أى ذنب».
وأوضح رمضان أن عائلة أبوسليمان لم تهجر من القرية ولكنها كانت فى ضيافة عائلة مسلمة طيلة تلك الفترة، وعلى بعد 3 كيلو من القرية نفسها، مؤكدا أن الهدف من ذلك كان يرجع لأجواء الاحتقان الموجودة فى القرية.
وأشار رمضان إلى الأجواء عادت للهدوء من جديد بعد أن تم إغلاق ملف عودة عائلة أبوسليمان مشيرا إلى أن المسلمين من أهل القرية عادوا بعد إطفاء نيران الغضب إلى رشدهم، وباتوا أكثر تعاطفا وحزنا على ما حدث مع هذه العائلة وكل من ألحق به أذى دون وجه ذنب.
وكشف رمضان عن خروج أسرة عائلة مراد المتهم الرئيسى فى الأزمة من القرية وأنه تم الاتفاق على قيام جار عائلة مراد ويدعى الحاج رجب البريبى بشراء منزلهم لإغلاق هذا الملف بصورة نهائية.
وأضاف رمضان أنه بخصوص ما ألحق من أضرار لبعض الأقباط بطريق الخطأ فإن أهل القرية أخذوا على عاتقهم تجميع مبلغ مالى لتعويض هؤلاء عن الأضرار التى ألحق بهم.
من جانبه أكد عادل سليمان نجل أبسخرون أبوسليمان أن قرار لجنة مجلس الشعب كان قرارا صائبا وفى محله ولاسيما أن عائلته لم يكن لها دخل فى الموضوع.
وأوضح عادل أبوسليمان أن تلك القرارات أعطت لجميع العائلات المسيحية بادرة أمل لترسيخ مبدأ سيادة وسلطة القانون، إلا أنه أشار إلى أنه حتى الآن لم يتم تحديد الجهة التى ستقوم بتنفيذ عملية إصلاح التلفيات وتحديد قيمة الخسائر المادية.
وأشار عادل أبوسليمان إلى أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب حاولت قدر المستطاع أن تخرج بحلول سريعة من أجل التهدئة ولرفض تهجير أحد من منزله مشيرا إلى أن عدم الخروج بهذا القرار كان يعنى بقاء عائلته المكونة من 5 اسر خارج القرية.
وأضاف عادل أبوسليمان أن عائلته تعيش الآن بالإسكندرية لحين معرفة الجهة التى ستقوم بإعادة تجديد منازلهم مؤكدا تفاؤله من إصرار كبار رجال القرية والكنيسة والدكتور أسامة الفولى محافظ الإسكندرية على تنفيذ هذا الأمر.
وعلى صعيد أجواء قرارات لجنة تقصى الحقائق لدى العائلات عبرت عائلة سامى رزق خليل فرحتها بعودة عائلة أبوسليمان التى اعتبروا ما حدث معها نموذج قابل للتكرار معهم فى حالة السماح بمغادرتهم القرية.
وطالبت عائلة سامى رزق أجهزة الأمن بالتواجد داخل قريتهم بأسرع وقت ممكن لعودة الأمن والأمان ولترسيخ دولة القانون لمنع حدوث تلك الأحداث التى كان يمكن تلافى وقوعها ولاسيما وأن الأرض الزراعية جعلت لا فرق بين مسلم وقبطى.
وفى سياق متصل أكد الناشط القبطى جوزيف ملاك مدير المركز المصرى للدراسات الإنمائية، إلى رفضه القاطع للأسلوب الذى تعاملت به لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب والتى أعلنت فى بيانها عن عودة عائلة أبوسليمان ورفضها لما حدث نافية فكرة التهجير من الأساس مكتفية بوضع حلول توافقية وإلقاء اللوم على الإعلام فى هذا تأجيج الأزمة.
وأوضح ملاك أن لجنة تقصى الحقائق لم تكن سوى لجنة مصالحة ترسخ من جديد فكرة الجلسات العرفية وكأن اللجنة البرلمانية لا تعرف ماهية عملها كلجنة تقصى للحقائق تقوم بالبحث والتحرى عن جوهر المشكلة وأسبابها للوصول فى النهاية إلى حلول جذرية وتوصيات تحول دون حدوثها من جديد.
وأضاف ملاك أن أسلوب عمل لجنة تقصى الحقائق أثبت بشكل قاطع أن ترسيخ دولة القانون مازال أمرا غير مطروح داخل أجندة نواب البرلمان الجدد.
من جانبه أكد الدكتور عمرو الشوبكى عضو لجنة تقصى الحقائق لـ«الشروق» أن أحداث قرية «شربات» كان يمكن أن تتفاقم لولا تدخل عقلاء وحكماء القرية ومحافظ الإسكندرية فى إقامة الجلسة العرفية من أجل التهدئة وإطفاء نار الغضب.
ونفى الشوبكى أن تكون إشادته بالجلسات العرفية تغليبا على سيادة دولة القانون، مشيرا إلى أنه لابد من وضع الأمور فى نصابها الصحيح ولاسيما أن القرية ظلت معزولة عن الدولة قرابة 30 سنة.
وأشار الشوبكى إلى أن قرية شربات هى نموذج لقرى عديدة الدولة لا أحد يعلم عنها شيئا، للحد الذى جعلها ترسخ لسيادة الجلسات العرفية والاحتكام لها لأنها لم تجد البديل.
وأضاف الشوبكى أنه سيؤكد فى تقريره النهائى على ضرورة النظر بشكل أعمق إلى تلك القرى النائية وإعادتها من جديد لدائرة اهتمام الدولة المصرية حتى يتم توفير المناخ الملائم لترسيخ دولة القانون.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :