كيف احدث الموت انقلابا عسكريا في الجزائر بأختطاف قايد؟
شنقريحة شارك في في حرب الاستنزاف بعد نكسة 1967، حتي انتصار1973
سليمان شفيق
تري في تلك المرحلة الدقيقة من الأزمة السياسية في الجزائر، وبعد دفن رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح وتعين شنقريحة'> الرئيس تبون سعيد شنقريحة خلفا له في قيادة الجيش، كيف سيؤثر رحيل الرجل الأقوى في البلاد على مسار الحراك؟ وأي دور سيلعبه الجيش في المرحلة المقبلة؟ فجرذلك جدلا جزائريا ، بين من يرى الأمر عاديا، ومن يرى أن له تأثيرات مباشرة على ترتيبات ما بعد انتخاب الرئيس، وطرح تعيين "شنقريحة" بالإنابة خلفاً لـ"قايد" عدة تساؤلات، لعل أهمها: هل سيؤثر رحيل رئيس الأركان السابق على واقع الداخل الجزائري؟ وهل تتغير طريقة التعامل مع الحراك في ظل رئيس الأركان الجديد؟ وما هو تأثير ذلك في شكل العلاقة مع الرئيس المنتخب ومستقبل الترتيبات داخل الجيش الجزائري؟
خاصة وفي نفس الوقت الذي شهد ت فية الجزائرأمس الأربعاء جنازة الفريق أحمد قايد صالح، الذي كان "الوصي" على النظام الذي يطالب المتظاهرون برحيله. و وذلك بعد عرض جثمانه خلال صباح نفس اليوم في قصر الشعب للسماح للمواطنين بإلقاء النظرة الأخيرة عليه، بحسب ما أعلنت الرئاسة الثلاثاء.
و تم دفن الفريق قايد صالح بعد صلاة الظهر في ساحة الشهداء بمقبرة العليا (شرق العاصمة)، حيث تم دفن الرؤساء السابقين وكبار المسؤولين.
ورغم الحداد نظم الطلاب تظاهرتهم الأسبوعية- وهي ال 44 على التوالي ،وهذا ما حدا بأغلب الشعب بالغضب معتبرين أنه من "المعيب عدم احترام الحداد ".
ورغم ذلك، تستمر الهتافات في استهداف القيادة العليا العسكرية، وهي هيكلية غير شفافة تدير بشكل أو بآخر علنا، بحسب الفترات، الجزائر منذ استقلالها عام 1962. وهتف متظاهرون "دولة مدنية لا عسكرية"، و"الجنرالات في القمامة والجزائر ستحصل على استقلالها". كما هتفوا "سنستمر بسلام وسنقلع العسكر من المرادية"، في اشارة الى مقر الرئاسة.
هكذا شكل توقيت رحيل أحمد قايد صالح نقطة فارقة في مستقبل الجزائر، فربما يكون رحيله بعد انتهائه من ترتيبات ما بعد حراك 22 فبراير وانتخاب رئيس جديد، أنقذ البلاد من هزة عنيفة، كانت قد تحدث لو لم تصل الجزائر لهذه المرحلة التي تتشكل فيها أولى ملامح خريطة ما بعد 12 ديسمبر.
وبناء على ذلك، فيمكن القول إن هناك عدة عوامل ترتبط بالامر، و وربما تشير إلى استمرار الوضع القائم في الجزائر قبل رحيل قايد على ما هو عليه، أي أن تعيين "شنقريحة" في هذا التوقيت لن يؤثر على الترتيبات التي وضعا قايد في التعامل مع المرحلة المقبلة، خاصة إلى أن وجود "شنقريحة" كان ملازما لـ"قايد" طوال الـ9 شهور الماضية بل يعد -وفقا لمقربين- صانعا رئيسيا في ترتيبات ما بعد اندلاع الحراك، سواء فيما يتعلق بقرار رحيل بوتفليقة أو محاكمة رموز نظامه أو في الاستراتيجية الهادئة في التعامل مع الحراك، أو الالتزام بعدم إراقة نقطة دماء.
خاصة وان انتخاب الرئيس تبون بمباركة قايد والجيش، ووالرئيس تبون في نفس الوقت وزير للدفاع وفقا للدستور الجزائري ، بالإضافة إلى تأكيد أحمد قايد صالح أكثر من مرة قبل رحيله على عدم التدخل في الحياة السياسية والالتزام بالمهام الدستورية للجيش، يعني أن الجزائر دخلت مرحلة جديدة، أهم ملامحها أن كل الترتيبات انتقلت من قيادة الأركان إلى الرئيس المنتخب،
وهكذا يمكن اعتبار درجة تقارب "شنقريحة" و"قايد" -إضافة لشخصية الأول، الذي يصفه خبراء جزائريون بأنه هادئ وقليل الكلام ولا يحب الظهور- عاملا ثانيا، له انعكاساته أيضا على استمرار الوضع على ما هو عليه خلال المرحلة المقبلة.
فمن المؤكد أن حرص "شنقريحة" على عدم البحث عن الأضواء سيمكن "تبون" من أن يقوم منفردا بالبحث عن أرضية مع الحراك الجزائري، لفتح صفحة جديدة في علاقة المؤسسة العسكرية بالسلطة من جهة، بل استمراره في وضع الجدول الزمني لتنفيذ خارطة الطريق، التي أعلن عنها في خطاب تنصيبه، بحضور رئيس أركان الجيش السابق.
وإذا كان البعض يشكك في مضمون قرار تعيين "شنقريحة" الذي تضمن كلمة بالإنابة، فإنه يمكن التأكيد على أن نص قرار تعيين رئيس أركان الجيش الجديد يؤكد استراتيجية جديدة في العلاقة بين المؤسستين العسكرية والرئاسة خلال الفترة المقبلة، والتي ستنعكس بالإيجاب على إدارة "تبون" لشؤون البلاد.
سعيد شنقريحة:
نتوقف قليلا للتعرف علي شنقريحة، من مواليد ولاية بسكرة جنوب شرق الجزائر، ولد في 1 أغسطس 1945، وحصل على شهادات عسكرية في التكوين الأساسي، والدروس التطبيقية، ثم التحق بسلاح المدرعات في الجيش الجزائري، وحصل على عدة دورات متخصصة، ثم حصل على فرقة القيادة والأركان، واجتاز الدراسات العليا الحربية
خلال سنوات عمله الأولى، انضم إلى صفوف المقاومة التابعة لقوات الجيش لمناهضة الاحتلال الفرنسي، وعرف عنه في تلك الفترة بأنه "خبير الدبابات".
عقب استقلال الجزائر عن فرنسا، تلقى شنقريحة دورات وتدريبات عسكرية في روسيا، وحصل على شهادة سلاح المدرعات وتدريب قائد سرية دبابات ودروس في قيادة الأركان
خبرة شنقريحة العسكرية أهلته ليكون أحد قيادات الجيش، التي ساعدت مصر في حرب الاستنزاف بعد نكسة 1967، ثم شارك مع قوات الجيش المصري في حرب 1973، بحسب وسائل الإعلام الجزائرية.
وعرف عنه حبه للعمل الميداني، وابتعاده عن الأضواء وغرف السياسة، وأهله ذلك لتولي عدة مناصب في مواقع ميدانية ضمن القوات البرية الجزائرية، حيث تولى قائد كتيبة دبابات القتال بلواء مدرع بالناحية العسكرية الثالثة، ثم رئيس أركان لواء مدرع بنفس الناحية، ثم قائد لواء مدرع.
ودعم علانية "حق جبهة البوليساريو في تأسيس دولة مستقلة على أرض الصحراء"، متهما المغرب بالسعي وراء إجهاض المحاولات التي يقوم بها الصحراويون من أجل ذلك
كما شغل منصب رئيس أركان فرقة مدرعة، بالناحية العسكرية الخامسة، وعمل كقائد للمدرسة التطبيقية لسلاح المدرعات في نفس المكان، ثم التحق بالناحية العسكرية الثانية للجيش الجزائري وتولى منصب نائب قائدها، ثم عين قائد الناحية العسكرية الثالثة.
حصل اللواء شنقريحة على عدة أوسمة، منها وسام الجيش الوطني الشعبي من الشارة الثالثة، ووسام مشاركة الجيش الوطني الشعبي في حروب الشرق الأوسط 1967 و1973 ووسام الاستحقاق العسكري ووسام الشرف.
وعرف عن اللواء شنقريحة قربه الشديد من الفريق الراحل أحمد القايد صالح، وتصنفه وسائل الإعلام الجزائرية بـ"الرجل الثاني" داخل الجيش الوطني الشعبي، وهو متزوج وأب لستة أولاد.
اذن نحن امام قائد عسكري محنك قريب من قايد ، لايحب الضوضاء ولا السياسة ، وخدم مع القوات المسلحة المصرية ، لكننا لابد من التوقف امام حرص الرئيس الجديد تبون على خروج قرار تعين اللواء شنقريحة بصفة مؤقتة لحين الرجوع لقيادات المؤسسة العسكرية، يعتبر عرفا وتقليدا متبعا يؤطر لعلاقة جديدة بين المؤسستين، سينعكس إيجابا على سلاسة المرحلة المقبلة في الجزائر، وتعطي فرصة للرئيس للتحرك مدعوماً، دون تقييد من تلك المؤسسة التي يعد هو أعلى سلطة فيها.
ومن ثم هناك انعكاسات واضحة من تنصيب "تبون" قبل رحيل "قايد" على التزامات رئيس الأركان الجديد نحو التي أصبحت بكل تفاصيلها في يد الرئيس، ولكننا نحن امام حديث شعبي يندهش علي انه كيف احدث الموت انقلابا عسكريا في الجزائر بأختطاف قايد؟