محفوظ مكسيموس
جاء السيد المسيح إلي أرضنا متخذا صورة طفل فقير من عزراء فقيرة في مذود حقير برسالة جلّية الوضوح لا لَبس بها ولا تعقيدات عثرة الفهم. كانت كلماته واضحة وضوح الشمس بسيطة و عميقة جدا و عندما تعيد قراءتها تندهش أن تلك المفردات قيلت منذ أكثر من ألفين سنة رغم كسور الترجمة عن لغة النص الأصلي.
و بالرغم من سلاسة و سهولة المفردات التي تفوه بها السيد له كل المجد إلا أنها كانت عميقة في المعني و مُلهمة لآلاف الكُتاب و أُعيدت صياغة بعضها في دساتير الدول الغربية ( كالموعظة علي الجبل ) نظرا لما تحمله من سمو و إنسانية و كلمات مُعاشة و إرشادات تُعلي من شأن الإنسان و تحثه علي قمة الإنسانية و التعايش.
و بالرغم من كل هذه البساطة و الوضوح الذي إتسم به كلام السيد لكننا نري آلاف التفاسير و الإجتهادات و الدراسات التي تملأ ملايين الصفحات علي إنها ( نتاج علماء اللاهوت ) و يتوقفني هذا الأمر كثيرا فهل كلمات السيد تحتاج إلى هذا الكم الهائل من الكتب التفسيرية و التوضيحية أم أن الأمر خرج عن نطاق التعليم و أصبحت كتب التفاسير للتربح القبيح و حفظا لركائز البيزنس؟؟!!!
لم أذكر في حياتي أني قرأت كلمات للسيد المسيح له كل المجد و شعرت أني محتاج لتفسير لها مطلقا و لا أعتقد أيضا أنها هكذا فقد تمثلت عبقرية الإنجيل في سهولته و مخاطبته لكل الفئات و لجميع المستويات الفكرية.
و هنا أتساءل: لماذا ظهروا ( علماء اللاهوت ) و من أين أتت هذه التسميات ؟؟!! و هل هؤلاء يفهمون جيدا طبيعة الله المعقدة و التي لا نعلم عنها سوي ما يستوعبه العقل البشري المحدود؟؟! أم أن هذه الألقاب وجب تواجدها للسيطرة على البسطاء و لتمكين رجال الدين من الهيمنة على الشعب؟؟!!!
كل إجتهادات و تفاسير و دراسات ممن يدّعون أنهم أرباب اللاهوت و علماء المعرفة و أقطاب التفاسير ما هي إلا إستطراد لغوي و مط للآيات و لا تؤهل أحد من كاتبيها بالألقاب الفضفاضة التي توحي بفهمهم لما لا نفهمه و خاصة أننا بصدد ( طبيعة الغير محدود ).
في جميع الأديان تصدر المشهد مجموعة من المجتهدين و أطلقوا علي أنفسهم علماء و مفسرين و دعاة و في الحقيقة لا أري نفعا من هؤلاء للبشرية بل و جعلوا من أنفسهم وكلاء من الله ع الأرض تارة بتفاسيرهم العجيبة و تارة أخرى بالفتاوي و الحرمانات و التدخل السافر في حياة الإنسان.