كتب :مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
تذكرت وأنا أتابع كلمات الرئيس السيسي الأخيرة في منتدى الشباب محييًا المرأة ومقدرًا دورها الوطني والاجتماعي العظيم .. تذكرت ما نشرته الصحف في مطلع شهر نوفمبر 2010 حول جريمة تاجر مواشي في الفيوم قتل طفلته البالغة ثلاث سنوات، خوفا من فضيحة أن تكبر ويعايرها أهل القرية بسلوك واحدة من قريباتها ! أطبق بيديه على رقبتها حتى لفظت أنفاسها.
وقال في التحقيق إنه " أراد أن يخلصها من العار"! ..
يكتب القاص والكاتب الرائع " د. أحمد الخميسي " معلقًا على الحادث وغيره حول مثل تلك المواقف للرجال تجاه المرأة " مفهوم طبعا أنه أراد أن يخلص نفسه من العار المتخيل، وبعبارة أخرى فقد أراد أن يصون شرفه ! أراد أن يحفظ شرفه هناك، حيث الشرف قطعة لحم صغيرة، يمكنه ازالتها بحد السكين، أو بيديه، أو برصاصة. وتعلم النساء أن الرجال قد علقوا شرفهم على المرأة، لهذا نقرأ منذ أيام قليلة عن فتاة شابة في السابعة عشرة خافت من والدها إلي درجة أنها قتلت أختها الصغيرة ! دفعتها إلى السرير في حجرة النوم وخنقتها بقطعة قماش" بلوزة " لأن الصغيرة هددتها بأنها ستخبر والدها بشأن المكالمة االهاتفية التي سمعتها بين الأخت وأحد الشباب. الخوف من أن ينهض الرجل ويدافع عن شرفه " هناك " ساق الفتاة إلي قتل أختها.
بعنوان بليغ ورائع " المرأة ليست صندوقا لحفظ شرف الرجال " كتب " الخميسي " إنه هوس البحث عن الشرف خارج أنفسهم، في بدن امرأة ، بينما تظل ساحة الشرف الأكبر داخل الانسان، في مواقفه وفي علاقته بالآخرين، وفي شوقه للعدل وفي أحلامه بحياة حرة كريمة لنفسه وللاخرين، وفي هذه الساحة يجب أن يبحث الرجل عن شرفه، وأن يكف عن ملاحقة المرأة بالتنكيل والاهانة وصولا إلى القتل.
نكتشف مع الكاتب حالة من التردي والتوهان وضياع بوصلة التوجه الصائبة لتعريف قيم ومفاهيم الشرف والرجولة و التفاعل الإيجابي مع مجتمع 2019 برؤية عالم 2019 ...
ويضيف " الخميسي " : اتركوا المرأة في حالها، إنها ليست صندوقا يحفظون فيه شرفك، وليست ملكية خاصة للرجل، إنها كائن مستقل، وهي لا تذهب لغسل عارها حين ترى رجلا زانيا، ولا تقتل حين تجد رجلا مرتشيا، أو كاذبا، إنها لا تبحث عن الشرف خارج نفسها ..
هكذا أوصى " الخميسي " بني جلدته من رجال رفعوا شعار " أحسن من الشرف مافيش " ليتأكدوا أولًا : هو إيه معنى الشرف ؟!! ... وكمان المرأة ودورها العظيم بعيدًا عن جعلها " الصندوق الهدف لضربات قبضايات الدفاع عن الشرف " !!
و يبقى السؤال ، لماذا لا نبني حضاريًا وإنسانيًا على ما تقدم ، وما تم تقديمه من رؤى تقدميه كشعب أنعم الله عليه بنخب ورواد وأهل إصلاح وتنوير ، لتكون رؤاهم و أفكارهم بمثابة ثوابت ينبغى النضال من أجل استقرارها والدفاع من أجل تنميتها ؟