هاني لبيب
يختلف البعض مع النظام السياسى المصرى، سواء فى بعض التوجهات أو بعض القرارات التى تمس الإصلاح بشكل عام، والإصلاح الاقتصادى بشكل خاص، ولكن يظل الاختلاف هنا مرغوبًا ومطلوبًا.. فلولاه لما استطعنا رؤية أوجه الصورة بالكامل، ولولا الاختلاف لما شعرنا بقيمة النجاح والإنجاز.
يتميز النظام المصرى الحالى بقدرته على التفاعل السريع مع القضايا الدولية بتحدياتها التى لا تنتهى، بل جاوز ذلك بطرح المبادرات السياسية ذات الأبعاد الإنسانية للإسهام فى ضبط منظومة العلاقات الدولية، التى أصبحت أكثر تشابكًا وتعقيدًا مما نتخيل طبقًا لمصالح كل دولة وحسب توازنات القوى.
ما يستحق الرصد والتحليل هو موقف النظام المصرى من قضايا التطرف والإرهاب منذ ثورة 30 يونيو إلى الآن، بداية من التحذير من مخاطر الإرهاب وتأثيره على استقرار العالم، مرورًا بارتداده إلى الدول التى كانت تتصور أنها بعيدة تمامًا عن ضرباته، وصولًا إلى التعامل مع العائدين من هذه التنظيمات.
بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع توجهات النظام السياسى المصرى.. فقد أصبحت مصر لاعبًا رئيسيًا حقيقيًا فى صناعة أدوات السياسة الدولية، خاصة فيما يمس ترسيخ منظومة عادلة لحقوق الإنسان، التى دائمًا ما تحتاج إلى ترسيخ مبادئ فكرية مرجعية، مرتكزة على حزمة من القوانين لتنفيذها، وهو الأمر الذى سعت إليه مصر بأدواتها الدبلوماسية وبشبابها. يؤكد ما سبق التوصية الرابعة لمنتدى شباب العالم 2019، والتى نصت على: «الدعوة إلى إنشاء اللجنة الأورومتوسطية لمكافحة الكراهية على الفضاء السيبرانى، لتعمل على دراسة مقترحات لمكافحة خطاب الكراهية والتطرف والتنمر على مواقع التواصل الاجتماعى بما يتوافق مع المعايير الدولية، ودعوة الأمم المتحدة إلى تبنى بروتوكول دولى لمكافحة خطاب الكراهية والتطرف والتنمر عبر وسائل الشبكة الدولية ووسائل التواصل الاجتماعى».
يلحظ الباحثون والمفكرون أن أخطر ما يواجه الفكر الإنسانى هو خطاب الكراهية والتنمر على الفضاء الإلكترونى، وهو ما جعله يتجاوز النطاق الجغرافى للدول، إذ لم يعد محليًا أو مرتبطًا بجماعة محددة بقدر ما ينتشر على مستوى العالم، مستغلًا وسائل التواصل الاجتماعى، التى تُعد من أهم إنتاج العولمة فى مسار التقدم الإنسانى. وتحولت من كونها أهم روافد المعرفة بسبب المعلومات المتداولة عليها بشكل لا نهائى إلى أداة لنشر خطاب العنف والكراهية والتطرف والتنمر، من خلال الإرهاب بشبكاته وكتائبه الإلكترونية، بسبب عدم القدرة على الفصل بين المحلية والعالمية لمجتمع المعلومات الإلكترونى باستخدام الصور والفيديوهات وتصدير أكثر من شكل للحقيقة، وبالتالى التشكيك فيها وترويج صور ذهنية محددة.
فى تقديرى أن التوصية المذكورة لمنتدى شباب العالم يجب أن يترتب عليها إصدار تشريعات محلية ودولية لتجريم خطاب الكراهية، الذى ينتشر دون أن نشعر على هواتفنا الذكية وفى مفردات حياتنا اليومية بشكل يفوق سرعتنا على مواجهته.
نقطة ومن أول السطر..
نبذ خطاب الكراهية ومواجهة التنمر.. أن ترانى كما أنا بصورتى الحقيقية، وكما أريد أن أُعرِّف نفسى وأقدمها، وليس كما تريد أن ترانى وتتصورنى حسب الصورة الذهنية المفترضة عنى لديك..
نقلا عن المصرى اليوم