إسراء سيف
منذ أيام وبعد وفاة “شعبان عبد الرحيم” قرأنا خبر موت حصانه من أثر حزنه على فراقه. امتنع عن الطعام والشراب، وعندما جاء الطبيب البيطري لم يجد ما يساعده به، أو تقديم تفسير طبي لرفضه الأكل والحياة.
ليست الكلاب وحدها التي تعرف معنى الوفاء والحزن على صاحبها، وقد أثبت هذه الحصان هذا، وجعل جميع من يتهموا أصحاب دعوات الرفق بالحيوان بالجنان في خجل من موقفهم.
الصمت والحزن يكونان أصدق من الكلام، وقد عبر هذا الحيوان الذي أعطاه الله الإحساس و حرمه نعمة الكلام، التعبير عن حزنه بطريقة تراجيدية موجعة؛ بالموت أصدق حقيقة اتفق عليها الجميع استطاع توصيل رسالته، والرحيل بعد صاحبه.
المفارقة الغريبة أن موت الحصان الطيب جاء بنفس التوقيت الذي تطالب فيه النائبة كارولين ماهر بتعديل مشروع قانون العقوبات باستبدال البعض من نصوصه لتشديد العقوبة على الجرائم التي تتعلق بقتل الحيوانات أو التعرض لها بأي شكل من الأذى.
قالت كارولين في بيان لها منذ أيام “أن كل الأديان أقرت وجوب الحفاظ على الأرواح والمخلوقات الطبيعية، كما حرمت كل النظم الأخلاقية التعدي على الحيوانات، والمخلوقات الشريكة بالبيئة سواء بالقتل أو التعذيب”
لم تكن واقعة موت حصان شعبان عبد الرحيم هي الوحيدة التي نسمع فيها عن حزن لحيوان بعد فقدان صاحبه، ولكن ربما هذه الحادثة مختلفة لفراق الحصان الحياة برمتها حزنًا على من كان يحبه دون شروط.
وكان أشهر حيوان أظهر حزنه بعد موت صاحبه حتى جلس تحت تابوته متأثرًا لرحيله؛ هو “سلي” كلب الرئيس الأمريكي الأسبق “بوش الأب”
وهناك كلبة أخرى بنيويورك منذ عام رفضت ترك قبر صاحبتها بعد انتهاء الجنازة ورحيل الناس عن المقابر، فاضطر زوج الفقيدة أن يحملها بالقوة من فوق القبر.
فيما فعلها جمل حزن على موت صاحبه باليمن ليثبت هو الأخر؛ جميع الحيوانات تحزن على فراق أصدقائها، بل حتى النباتات تموت أحيانًا بعد فقدان صاحبها.
وقد قال رسول الله “في كل كبد رطبة أجر” ورغم أن الديانات جميعها تتفق على هذا المبدأ؛ يستمر البعض في التقليل من أهمية الدفاع عن حق الحيوان، ونشر الوعي للرفق به، وما لا يفهموه؛ أن من يستطيع أذى حيوان ضعيف لا يقدرعلى الاستغاثة والكلام، يستطيع غدًا التعرض لغيره من البشر إن كانت لديه الفرصة والقوة لفعل ذلك.
يقول المغني الانجليزي بول ماكرتني:
“يمكنك الحكم على شخصية الإنسان الحقيقية من خلال الطريقة التي يتعامل بها مع الحيوانات”
ولعل موت حصان شعبان يحرك شيئًا فينا كي نفهم أن الحيوانات أحيانًا تكون أكثر إخلاصًا من البشر، ولأنهم ضعفاء يشاركونا الكوكب علينا حمايتهم وتوعية الناس للتصدي لمن يعتدي عليهم. ربما ننجح في ظل الأخبار التي تطير أبراج العقل في جعل الأرض أكثر أمانًا لنا جميعًا.
نقلا عن الميزان