محمد حسين يونس
خلال قرن من الزمان تغير نظام الحكم في هذا المكان لعشر مرات ..كلها لم يكن لابناءة فيها رأى أو إرادة .. لقد كان التعديل يسقط من أعلي .. و علي الناس أن تبدل من سلوكياتها .. طبقا لرغبة الحكام.

1 - في بداية القرن الماضي ..كانت مصر مستعمرة بريطانية .. تحتلها الجنود المعاديين .. تستعين بطبقة كومبرادورية تسير في أذيال المحتلين .. وسكان المكان يعانون من فقر مدقع يعم طول البلاد و عرضها .. يصاحبة جهل .. و تدين شكلي .. و أمراض مستوطنه مثل البلهاريسيا و الإنكلستوما و الرمد و الملاريا .

2 - ثورة ضد المستعمر .. تعم المدن و الأقاليم .. يعقبها حكم ذاتي ملكي نيابي له دستور .. و لمحات ليبرالية في السلوك .. و الثقافة .. داخل مدن متروبوليتانية .. تجمع أصناف شتي من الجنسيات و الأديان و اللغات .

التعليم محدود بين أبناء الطبقة الوسطي و الفلاح خاضع لصاحب الأرض.. علي حاله لم يتغير .

3 – حرب عالمية ثانية تؤجل مطالب الجلاء التام أو الموت الزؤام ..و لكن تنمو الصناعة المحلية التي تدور حول الوفاء بإحتياجات جنود الإحتلال .. فئات جديدة من العمال ذوى الأصول الريفية .. و الطبقة الوسطي تتوسع .. و تضم أجانب .. بجوار اليهود و المسيحين و المسلمين الذين يشكلون وحدة وطنية تسعي لعصرنة البلاد .

4 – إنتهاء الحرب 1945 و تقلص تواجد الجنود الإنجليز في المدن .. و موقف إقتصادى و إجتماعي أفضل من بلاد كثيرة تم تدميرها مثل اليابان ، ألمانيا ، إيطاليا ، أسبانيا ، فرنسا .. و إنجلترا .. لقد زاد طموح الراسمالية المحلية أن تنتج و تحل محل الإستثمارات الأجنبية ..و في الشارع السياسي مطالبات بالديموقراطية ، و الحرية ، و الوطنية (حول القومية المصرية ) في ظل حكم مستقل عن نفوذ المحتل الإنجليزى . .. في ذلك الزمن .. لم يتغير موقف الفلاح و إنضم إلية العمال و صغار الموظفين في المعاناة .. و توسعت الطبقة الوسطي التي كانت تسعي من خلال الحوار الديموقراطي .. لنيل حقوقها .و تطوير نشاطها

5 – إنقلاب عسكرى لكبار صغار الضباط .. و حكم عسكرى مباشر .. يرفع شعارات ( الإتحاد و النظام و العمل ) .. و قوانين إصلاح زراعي تفتت الملكية .. و تأميم ممتلكات الأجانب .. بما في ذلك قناة السويس .. و تمصير كل ما يتصل بالبنوك و شركات التأمين و المقاولات .. وإنتاج و توزيع الكهرباء و الغاز و المياة و السكة الحديد و التليفونات .مع زيادة النبرة الوطنية المصرية ..

6 – نجاح محدود .. لا يغير من طبيعى الكتلة السكانية الأساسية .. ينتهي برفع شعارات القومية العربية (مكان القومية المصرية ) .. و تحول مصر إلي الإقليم الجنوبي من الجمهورية العربية المتحدة .. اتحكمة راسمالية الدولة (فاشيستية التكوين ) .. تتحكم في جميع مجالات الحياة .

هذه الفترة تشهد مأساة الإنفصال و بداية حرب اليمن و إستنزاف الثروات علي الأسلحة و القوات المقاتلة ..و إدعاء أن النظام إشتراكي التوجهات.. رغم إعتقاله للإشتراكيين .

7 – هزيمة 67 .. و تغير النظام .. إلي لا صوت يعلو علي صوت المعركة .. و حشد جميع الإمكانيات لخدمة القوات المسلحة .. و بيان 30 مارس .. و وفاة عبد الناصر .. و تولي السادات ثم إنقلاب 15 مايو علي ( مراكز القوى ) .. و إعتقال أغلب الكوادر الناصرية .. و مواجهه مع الطلبة الذين يرفضون الإحتلال الإسرائيلي لسيناء .

8 – عبور القناة من الجهتين .. و وصول القوات المعادية إلي حدود القاهرة .. و الإستسلام للإرادة الأمريكية الإسرائيلية .. و زيارة السادات للقدس حاملا كفنه .. ثم كامب دافيد .. و معاهدة السلام .. و حرب 73 أخر الحروب .. و الإنفتاح الإقتصادى .. و تكوين منابر تتحول لأحزاب .. و تغير النظام إلي ((اللي معاه قرش يساوى قرش )) .. و ظهور طبقة من أغنياء الحرب يديرون الإقتصاد و السياسة .و بداية تحكم التيار الديني في الشارع بتمويل سعودى .

9 – الراسمالية الطفيلية .. تغتال السادات .. و تلتف حول مبارك .. لتتكون عصابات نهب مصر و تصفية القطاع العام .. و التبعية المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية ..و إمتلاك الوهابية للشارع و الجامعات و النقابات .. و الدخول لمجلس الشعب .و تنتهي بإنتفاضة .. و صعود الأخوان و حكم مصر لمدة سنة .

10 – المليونيرات .. ينقلبون علي الأخوان و يملكون مصر .. و يسلمونها للبنك الدولي و صندوق النقد .. ويديرون مشاريع غير إنتاجية .. مع تفتت طبقي واسع و فروق غير مطروقة بين الفقراء و الأغنياء .. و ربط مقطورة البلاد بالقاطرة الأمريكية الإسرائيلية .. لنعود إلي نقطة الصفر ..

(( شبة مستعمرة.. يسيطر عليها رجال الأعمال الأمريكان .. تستعين بطبقة كومبرادورية تسير في أذيال المحتلين .. وسكان المكان يعانون من فقر مدقع يعم طول البلاد و عرضها .. يصاحبة جهل .. و تدين شكلي .. و أمراض مستوطنه تطورت لتصبح سرطانات ..فيرس كبدى وبائي ..وزيادة سكانية غير متحكم فيها )).

الطرق و الكبارى و الأنفاق و المتروهات و ناطحات السحاب .. لا تدل علي تقدم .. أو تحسن بمقدار ما تدل علي أنها جاءت في وقت غير مناسب .. علي حساب تنمية حقيقية .. لم تشهدها مصر منذ بداية القرن .. حين كانت تقف في موقع أفضل من الذى كانت تحتله أوروبا مع نهاية الحرب العالمية الثانية .. و ضاعت الفرصة