بقلم: يوسف سيدهم
تنشر وطني في هذا العدد تفاصيل حادث انهيار سور الكنيسة الأثرية بدير أبوفانا بالجبل الغربي مركز ملوي بمحافظة المنيا, وهو الحادث الذي وقع منذ أسبوعين والذي راح ضحيته ثلاثة أقباط بالإضافة إلي أربعة مصابين… الدير أثري يعود تأسيسه إلي القرن الرابع الميلادي, ويرجح علماء الآثار أن يكون من أوائل أديرة الصعيد, والكنيسة أيضا أثرية تعود إلي القرن السادس الميلادي, والدير بجميع مشتملاته وبينها الكنيسة مسجل ضمن الآثار القبطية لدي هيئة الآثار ويخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 الذي تنص مواده علي عدم المساس بالمنشآت أو الأسوار أو غيرها الواقعة في النطاق الأثري المسجل وعدم القيام بأي أعمال من شأنها تغيير الطبيعة الأثرية, وإذا اقتضي الأمر عمل أية ترميمات أو صيانة فتتم بعد اعتماد المجلس الأعلي للآثار لها ويتم تنفيذها تحت الإشراف المباشر للمجلس.
والحقيقة المؤسفة أن حادث انهيار سور الكنيسة الأثرية الذي نحن بصدده لم يأت مصادفة أو بغير توقع, إنما هو يفضح واقعا أليما وتاريخا طويلا من المشاكل والإهمال تعاقبا علي الدير ليس فقط بسبب قدمه واحتياجه للترميم ولكن أيضا بسبب عدم استكمال السور المحيط به وتعرضه من جراء ذلك لسلسلة من هجمات العربان المحيطين بالدير واعتدائهم علي المنشآت والرهبان.. وهدم عدد من القلالي وحرق عدد آخر منها… كان ذلك حتي عام 2008 حين صدر قرار محافظ المنيا ببناء سور حول الدير الأثري لحمايته, وتم بناء السور بشكل جزئي ولم يكتمل تاركا الدير مكشوفا وسهل اختراقه… ومنذ ذلك التاريخ والدير يواصل مخاطبة هيئة الآثار لاتخاذ اللازم نحو أمرين: استكمال بناء السور لتأمين الدير, وترميم الكنيسة الأثرية المتداعية والتي تئن تحت وطأة القرون التي مرت عليها… بدأ إثارة الأمر عام 1987 وظل لدي هيئة الآثار تحت الفحص والدراسة, ثم شرع الدير في تقديم طلبات رسمية في أعوام 2006, 2008, 2010, 2016, 2017 دون أية استجابة من الهيئة, وأكرر أن الدير يده مغلولة إزاء الشروع منفردا في تنفيذ أية ترميمات دون اعتماد وإشراف هيئة الآثار لئلا يتهم بمخالفة القانون وإتلاف الطبيعة الأثرية للمنشآت أو الأسوار… يعني ببساطة وبدون زعل هيئة الآثار لا ترحم ولا تخلي رحمة ربنا تنزل!!
والآن وبعد أن وقع هذا الحادث الأليم وانهار سور الكنيسة الأثرية وبعد وقوع الضحايا والمصابين, هل تتحرك أي أجهزة مسئولة للتحقيق في الأمر؟… هل تتم مساءلة المسئولين عن السكوت علي الأوضاع في دير أبوفانا منذ عام 2008 حتي الآن؟… هل تتم محاسبة أي أحد علي تقاعس حكومي عمره 11 سنة؟… هل تسارع هيئة الآثار بالإشراف علي مشروع ترميم الكنيسة الأثرية والسور الأثري؟… أم تكتفي وزارة الآثار بالتعبير عن أسفها العميق للحادث ومشاركتها لأهالي الضحايا والمصابين أحزانهم؟… ويا دار ما دخلك شر!!!