سحر الجعارة
عفواً «سيدى الرجل»: هل تعلم الفرق بين «الذكورة» و«الرجولة»؟.. الذكر مجرد «نوع» مثل أى حيوان وضع الله فيه غريزة «حب البقاء» والتناسل، تماماً مثلما وضع فيه غريزة الجوع.. أما «الرجل» فيُفترض أنه عنوان «الشهامة والكرم والإنسانية والسند والحب والعطاء دون مقابل».. إلى آخر معانى الفروسية التى أصبح معظمها «فعلاً ماضياً»!.
لقد اخترت أن أخاطب «الرجال فقط» فى «اليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة».. 16 يوماً من الفعاليات خصصتها هيئة الأمم المتحدة، وفى هذا العام اختارت موضوع عام 2019 ليكون «لوّن العالم برتقالياً: جيل المساواة ضد جرائم الاغتصاب».. حيث يرمز اللون البرتقالى إلى رؤية مستقبل مشرق يخلو من الاعتداءات الجسدية والجنسية والعنف ضد المرأة.. وبحسب بيانات الأمم المتحدة فإن: (امرأة أو فتاة واحدة من بين كل ثلاث نساء تعرضت إلى الاعتداء الجسدى أو الجنسى خلال حياتها، ويكون فى معظم الأحيان من طرف شريك الحياة. وسواء كان المنفذ شخصاً معروفاً (من الأقرباء أو الجيران) أو غريباً عن الضحية، فالآثار مدمرة نفسياً وجسدياً. وكثيراً ما يجبر المجتمع الضحية على الصمت، وهكذا يفلت المعتدى من العقاب)!.
ولأن الأرقام صادمة ومشكلات العنف ضد المرأة كثيرة ومتشابكة، يختلط فيها الدينى بالقانونى، ويصطدم الاجتماعى بالثقافى، قررت أن أحدثك سيدى الرجل (لاحظ الضعف الأنثوى فى كلماتى)، اخترت أن أحدثك فى موضوع شائك ومعقد، «مسكوت عنه» وتفاصيله مجهولة لأنها تشبه بالضبط السير على جسد حريرى بسكين صدئ، أو التلذذ بغرس الأشواك فيه، أو شيِّه على نيران رغبتك المجنونة، فى غرفة مظلمة يلفها الصمت أو يكسر صمتها الصراخ.. إنها «غرفة النوم»!.
تلك الغرفة التى قد يتحول فيها الرجل إلى «وحش مسعور» أمام امرأة ضعيفة منكسرة «تحت سيطرته» بالشرع والقانون والعرف.. إنها «الزوجة» التى قد ترتبط بذكر يؤرقه هرمون «التستوستيرون»، ويعميه عن التفكير ولو للحظة إن كانت زوجته مهيأة لاستقباله أم لا.. أو كانت فى حالة «إثارة جنسية»، وهل هى منهكة من العمل مثلاً خارج المنزل أو داخله أو مكتئبة أو حتى حامل!..
قد يمزق ملابسها بعنف، أو يهجم عليها كالثور، حتى تخرج من بين يديه بجروح وسحجات كمن تعرضت لضرب مبرح وليس لمعاشرة جنسية!.. حتى يصبح الجنس «عقوبة» على ذنب الاستمرار فى زيجة لا تطاق.. هذا ما يسمونه -إن لم تكن تعلم- «الاغتصاب الزوجى»!.
الرجل يعتقد أن الزوجة «ملكية خاصة للرجل»، ضربها «واجب شرعى»، والامتناع عن تلبيه رغباته الهمجية «معصية وإثم» تُدخلها النار.. لأن المجتمع فقد عقله، و«فقهاء الجنس» ممن يرفعون شعار التدين والشرف والفضيلة لا يرون أن المجتمع غارق فى العار والوحل.. وأن خلف الأبواب المغلقة مآسى تشيب لها الأبدان!.
فالعنف الجنسى فى مصر مشرعن وممنهج، ولدينا فقهاء لا يكتفون بمعاشرة المسلم لزوجته القبطية «كالمغتصبة».. فحتى إذا تعرضت الزوجة للاغتصاب.. فبحسب رأى «ياسر برهامى»، نائب رئيس الدعوة السلفية، «إذا كانت لدى الزوج إمكانية للدفاع عنها يلزمه بلا شك الدفاع عنها، وأما إذا كان متيقناً أنه سيُقتل وهى تُغتصب فهو لا يأثم إن تركها لأنه سيُقتل»!.. هل هكذا يتصرف «رجل» يعرف معنى الشرف وقيمة العرض؟.
«برهامى» نفسه «اختراع عجيب»، فهو الذى أفتى بزواج الطفلة فى عمر الثالثة (هل تتصور طفله فى الثالثة من عمرها يتمتع بها فحل عملاق كل ما فيه مخيف باسم الشرع؟)!، وهو أيضاً من حكم على المرأة أن تكون مجرد أداة لمتعة الرجل، وأفتى بحق الرجل فى اغتصاب زوجته فى الفراش، وأفتى بمعاشرة الزوجة المستحاضة (وقد أيدته لجنة الفتوى بالأزهر الشريف).. إلى آخر خزعبلات التيار السلفى الذى يتزعمه!
هل وصلتك الصورة -عزيزى الرجل- وعرفت كيف يتحول «فعل الحب» إلى حالة اغتصاب، كيف يمكن أن تجعل زوجتك تكره أنوثتها، وتفقد إنسانيتها، وتراك قبيحاً وتنفر من ملامحك وتفاصيل جسدك، ورائحة عرقك الممزوجة بالرغبة وأنت تأخذ ما تسميه «حقاً شرعياً»؟!.
عزيزى الرجل، الجنس مثل رقصة «التانجو» وليس «حلبة مصارعة».. وكلما زاد نفور الزوجة زاد إحساسها بالألم.. ليصبح الاغتصاب «كاملاً» بمعنى أن الرجل -هنا- يغتصب كرامتها وحريتها وإنسانيتها قبل أنوثتها.. فتخرج كل مرة بجرح نفسى لا يجد طريقاً للشفاء.
دعها تستعيد نفس حماس الأيام الأولى للزواج «بهدنة» تعيد إليها الشغف، فالزواج «مؤسسة اجتماعية» فيها إرادتان توافقتا على إنجاب أطفال وتربيتهما، وليس مكاناً لإطفاء «الشهوة»، ولا قبراً معتماً لتلبية الاحتياجات البيولوجية للرجل.. ومن حق المرأة أن تستمتع معك وأن يكون بداخلها «رغبة مؤجلة» للحظة اللقاء.. لكن للأسف جزء من ثقافة المجتمعات الشرقية أن المرأة «مفعول بها» وليس من حقها أن تطلب «الارتواء».. هكذا نقف - أحياناً- فى صمت طلباً للخلع أو الطلاق!
«لوّن العالم برتقالى»
نقلا عن الوطن