سفينة.. سمير فرج

 

يا ألله! هل هذه حياة واحدة أم حيوات كثيرة؟! العامل المشترك الأعظم فى هذه «الموسوعة» هو الصدق، سألوا أحد الفلاسفة: ما الجمال؟ قال: هو الصدق! رأيت دكتور سمير فرج بحاراً قائداً لسفينة عملاقة رسا بها على مائة وستين مدينة «موضوعاً» وأخذنا لكل مدينة حتى نرى أجمل ما فيها!

 

رجل وعى وسمع وقرأ وجرب! حارب، وفاوض، وعلم! جاب الدنيا من أولها لآخرها.. ذاق حلوها ومرها، كان سونار سفينته الأخلاق، ودفة هذه السفينة القانون، كانت البحار هادئة أحياناً، هائجة فى معظم الأحيان، ولكنه ربان ماهر، كانت قواعده: العلم- الحكمة- الذكاء.

 

يحدثنا دكتور سمير عن اشتراكه فى حرب اليمن، وكيف وقعت سرية المشاة التى كان هو أحد رجالها فى كمين، لم يتبق منها سوى 24 جندياً من أصل 150! يحدثنا عن أهوال حرب اليمن، وما فقدته مصر من أرواح، وما تم استنزافه من موارد «الغطاء الذهبى لمصر»، وكيف أن التاريخ سوف يمجد الرئيس السيسى لقراره بعدم اشتراك مصر بقوات برية، وهذه هى القيادة الحكيمة التى تحافظ على أمن بلادها واستقرارها.

 

أقرأ فى فصل: سيناء الأمل والمستقبل ما يجعلنى أسير فوق السحاب، تأمين سيناء هو تعمير سيناء، 6 محاور تجعلنا فى ساعات داخل سيناء، توطين البدو ببناء مساكن بعد توفير آبار الماء، تحلية مياه البحر، شبكة طرق، مدارس، جامعات، مطار البردويل، ميناء العريش، زيادة الأرصفة، 275 مليار جنيه لتطوير سيناء، تعود سيناء إلى حضن الوطن بعد غياب «25 سنة احتلال» تغلق مصر نهائياً بوابة الغزوات التى تأتينا من الشرق! كان تعليقى: الله.. برافو يا ريس!

 

يحدثنا دكتور سمير عن هزيمة 67، كنا خارجين من حرب اليمن التى لم تكن حرباً بل كانت كمائن وضحايا بين الجبال، فقدت مصر 90٪ من سلاحها، لم يكن لدينا مكان لتجميع الشهداء أثناء الانسحاب، أصبح الطريق للقاهرة مفتوحاً بعد أن وصلوا للضفة الشرقية للقناة، وفى التاسع من يونيو أعلن ناصر التنحى، ورفض الشعب، وكانت كارثة تعلمنا منها الكثير، وفى فصل: لجنة أجرانات التى أكدت هزيمة إسرائيل، يحدثنا دكتور سمير فرج أنه فى 9 أكتوبر 73 وقفت جولدا مائير وإلى جانبها موشى ديان، فى مؤتمر صحفى عالمى ليعلنا هزيمة إسرائيل أمام القوات المصرية، فكان زلزالا هز كل إسرائيلى من أعماقه، تشكلت لجنة إسرائيلية فى نوفمبر 1973 لتقصى الحقائق برئاسة شيمون أجرانات، وبالرغم من التقارير التى صدرت إلا أنها سرية للغاية، فقط عزل رئيس الأركان ديفيد أليعازر من منصبه، ولا يزال الشعب الإسرائيلى يبحث عن سر الهزيمة التى لحقت بهم، والسر هو قوة الجيش المصرى وصلابة هذا الشعب العظيم.

 

بدأ دكتور سمير كتابه بقصة سيدة فاضلة ثرية جداً، أطلق عليها أم الشهداء لأنها كانت ترعى 200 أسرة من أسر الشهداء، كبرت، دخلت داراً للمسنين، أرادت رؤية أولادها رفضوا، أرادت زيارتهم، رفضوا، حتى على فراش المرض، رفضوا المجىء لرؤيتها، ماتت، اتصلت مديرة الدار تقول للدكتور سمير: جاء الأبناء لاستلام شهادة وفاة أمهم لإقامة دعوى إعلان الوراثة ليحصلوا على التركة الكبيرة التى تركتها لهم! وكانت شهادة الوفاة هذه بالنسبة للدكتور سمير شهادة وفاة القيم والأخلاق فى عصرنا الحديث، سالت دموعى حين قرأت كلمات الدكتور سمير فرج: ومشيت فى الجنازة وحيداً.