تسبب اضطراب وراثي نادر في تحول دماء ثلاثة أشقاء يعانون من الدهون، إلى لون أبيض مثل الحليب، وفقا لتقرير جديد نشر حول هذه الحالة الغريبة.

 
ويتألف الأشقاء الثلاثة من توأم (ذكر وأنثى) وأخ أكبر سنا، ولدوا جميعا لزوجين من أبناء العم من عائلة هولندية في بنسلفانيا.
 
وعانى الأشقاء الثلاثة في سن المراهقة وأوائل العشرينات، من أعراض غامضة، بما في ذلك نوبات من آلام في البطن، وتم تشخيصهم جميعا بـ"فرط ثلاثي غليسيريد الدم"، وهو اضطراب شائع يتسبب في تكوين جزيئات دهنية تسمى الدهون الثلاثية (ثلاثي الغليسريد) في الدم.
 
والآن، عند بلوغهم الخمسينات من العمر، خضع الأشقاء الثلاثة لاختبارات جينية كشفت أن لديهم حالة أكثر ندرة، تؤثر على واحد فقط من بين كل مليون شخص، وفقا للتقرير الذي نشر في 18 نوفمبر في مجلة Annals of Internal Medicine.
 
ويعاني الأشخاص المصابون باضطراب الترسبات الفائقة، المعروفة باسم "متلازمة الكيلومكرونات العائلية" (familial chylomicronemia syndrome)، من أكثر من 1000 ملليغرام من الدهون الثلاثية لكل ديسيلتر من الدم.
 
وللمقارنة، يجب أن تقل مستويات الدهون الطبيعية في الدم عن 150 ملغ/ديسيلتر، بينما يعد 500 ملغ/ ديسيلتر، معدلا "مرتفعا جدا" في الشخص السليم، وفقا للمعاهد الوطنية للصحة.
 
وفي الواقع، فإنه في الأشخاص الذين يعانون من "متلازمة الكيلومكرونات العائلية"، تكون مستويات الدهون في الدم مرتفعة لدرجة أن السائل القرمزي يغير لونه إلى لون الحليب، لكن هذه المتلازمة ليست الشرط الوحيد الذي يمكن أن يسبب دما ذا لون أبيض، حيث قد تظهر الأعراض ذاتها عند المصابين بفرط شحوم الدم الشديد.
 
وكافح الأشقاء الثلاثة منذ فترة طويلة للحفاظ على مستويات الدهون الثلاثية لديهم تحت السيطرة وعانوا من التهاب متكرر في البنكرياس، والمعروف باسم التهاب البنكرياس، وهي حالة خطيرة يمكن أن تسبب آلاما في البطن والحمى والقيء.
 
وفي المستشفى، وصلت مستويات الدهون الثلاثية لدى الأخ الذكر من التوأم  إلى 5000 ملغ / ديسيلتر، بينما بلغت مستويات الدهون لدى شقيقته نحو 7200 ملغ/ ديسيلتر، في حين بلغت المستويات لدى الأخ الآخر نحو 6000 ملغ / ديسيلتر.
 
وللتأكد من التشخيص النادر للأخوة، نظر الباحثون إلى جينات مرضاهم، وعند اكتشاف الشيفرة الوراثية للأشقاء الثلاثة، اكتشفوا جينا واحدا فقط متحورا، كان أساسيا لتحطيم الدهون الثلاثية في الجسم.
 
في الأشخاص الأصحاء، يحتوي الجين على تعليمات لبناء بروتين يُسمى "ليباز البروتين الشحمي" (LPL)، والذي يقوم عادة بتغليف الأوعية الدموية التي تمر عبر العضلات والأنسجة الدهنية في الجسم، ويكسر الدهون الموجودة في الدم.
 
ويحمل كل شقيق نسختين من الجين المتحور، ما يعني أن كلا الوالدين نقلا الشيفرة الوراثية المتحورة لأطفالهم الثلاثة، وعلاوة على ذلك، فإن الشيفرة الوراثية للأشقاء الثلاثة لم يسبق لها مثيل من قبل.
 
ووضع الأطباء حمية غذائية مقيدة الدهون للأشقاء، والتي نجحت في استقرار مستويات الدهون الثلاثية لديهم وكبت نوبات التهاب البنكرياس.
 
وفي بعض الأحيان، عند ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية بشكل مفرط لدى المرضى، فإنهم يضطرون لاستبدال دمائهم بدم صحي من بعض المتبرعين.