ماهر رزوق
في محاولته لتعريف الفعل الجنسي ، يوضح الفيلسوف لبناني الأصل (رجاء حلواني) في كتابه (فلسفة الحب والجنس والزواج) أن هناك فرق بين مصطلحات ثلاث :
Sexual act الفعل الجنسي
Sexual activity النشاط الجنسي
Sexual pleasure المتعة الجنسية
يقول المؤلف أنه لو فرضنا أن الفعل الجنسي يتطلب تدخل أحد الأعضاء الجنسية أو كلاهما ، فإن هذا التعريف لا يكفي ، لأن الاستمناء في هذه الحالة قد يعتبر فعلا جنسيا . و إذا كان الأمر يتطلب فعلا يؤدي إلى الإثارة الجنسية ، فإن هذا لا يكفي أيضا ، لأن بعض الأشخاص قد يشعرون بالإثارة من لمس الأقدام أو الكعب العالي !!
لذلك يمكن أن نطلق مصطلح النشاط الجنسي على ما سبق ، لكنه لا يكون فعلا جنسيا !!
و لكن هناك تساؤل آخر ينتج عن هذا الشرح ، و هو :
هل يكتمل الفعل الجنسي بدون المتعة الجنسية !!؟
إذا قلنا أن الفعل لا يسمى جنسيا إلا إذا كان يسعى إلى متعة جنسية ، فإننا ندخل في معضلة أخرى ، و هي أن بعض الأفعال الجنسية لا تسعى إلى المتعة و إنما إلى شيء آخر ، كالانتقام مثلا ، حيث قد تمارس فتاة ما الجنس مع صديق حبيبها ، لتنتقم من حبيبها بسبب إهماله لها !!
و الجنس الخلفي إذا تمت ممارسته من قبل أشخاص مبتدئين ، فإنه قد يولد الألم فقط و يكون تجربة سيئة بدلا من أن يولد المتعة !!
كذلك يورد الكاتب مثال مهم ، و هو ممارسة الجنس بشكل روتيني بين المتزوجين كنوع من الواجب و ليس بهدف المتعة !!
و أيضا العاهرات اللواتي يمارسن الجنس كنوع من العمل فقط و في كثير من الحالات لا يشعرون بالمتعة !!
هنا نستنتج أن المتعة قد لا تكون ضرورية لوصف الفعل أنه جنسي !!
All sexual acts are sexual experiences, but not all sexual experiences are sexual acts
أي كل الأفعال الجنسية هي تجارب جنسية ، لكن ليس كل التجارب الجنسية هي أفعال جنسية ...
مثال على ذلك : الاغتصاب ، فهو حتما تجربة جنسية لكنه ليس فعلا جنسيا !!
إذا ما الذي يجعل الفعل يسمى بالجنسي ، هل هو توليد المتعة أو النية لتوليد المتعة !!؟
لأن المتعة قد تتولد بشكل لا إرادي ، فمثلا قد يرى شخص ما فتاة في الطريق تفعل حركة معينة و تتولد لديه المتعة بسبب هذه الحركة !!
و الفعل الجنسي قد يكون بهدف الإنجاب و ليس بهدف المتعة ، لكنه أيضا قد يولد المتعة !!
هنا ينتقل المؤلف إلى مصطلح آخر و هو الرغبة الجنسية sexual desire
و يقول : الفعل يكون جنسيا عندما يسعى إلى إرضاء الرغبة الجنسية ، أو عندما ينجح في ذلك الإرضاء !!
لكن الأمر هنا يواجه مشكلتين :
1 _ علينا أن نميز ما الذي يثير الشخص و يولد لديه الرغبة الجنسية ، لأن بعض الأشخاص قد لا ترضى الرغبة الجنسية عندهم بسهولة ، أي لا ترضيها إلا أشياء غير مألوفة !!
2 _ قد يمارس إثنان الجنس بهدف الانجاب و ليس بهدف إرضاء الرغبة ، أو العاهرة قد تمارس الجنس بهدف الحصول على المال وليس بهدف إرضاء الرغبة !!
و إذا كان الفعل يتم تعريفه بأنه جنسي عندما يرضي أو يسعى لإرضاء الرغبة ، فإن الرغبة نفسها قد تكون قابلة للإشباع بدون إتصال جنسي !!
الخلاصة التي يتوصل إليها المؤلف تتألف من نقطتين :
1 _ الفعل يكون جنسيا إذا ، وفقط إذا ، أنتج المتعة أو سعى إلى إنتاجها ، ( و ) أرضى الرغبة الجنسية
2 _ الفعل يكون جنسيا إذا ، وفقط إذا ، أنتج المتعة أو سعى إلى إنتاجها ، ( أو ) أرضى الرغبة الجنسية
بالنسبة لتعريف الزواج ، يذكر الفيلسوف (رجاء حلواني) في كتابه (فلسفة الحب والجنس والزواج) ما يلي :
Marriage doesn t have a fixed purpose across cultures´-or-within the same culture through time
أي : ليس للزواج هدف ثابت تشترك به كل الثقافات ، فالهدف يختلف حتى ضمن الثقافة الواحدة !!
و هنا يقول الكاتب أن هدف الزواج يتجاوز الجنس ، و يبرر ذلك بوجود المثليين'> زواج المثليين و الزواج المفتوح (open marriage)
يقول أيضا : يعتقد بعض الناس في هذه الأيام أن الحب والزواج يأتون مع بعضهم دائما ، أي أن على جميع الذين يحبون بعضهم البعض أن يتزوجوا ... لكن هذه الفكرة لم تكن منتشرة بشكل كبير في الماضي بل على العكس كانت فكرة غريبة وخطيرة
يذكر المؤلف بعض الأمثلة عن عادات زواج غريبة في ثقافات مختلفة مثل غانا و أندونيسيا حيث كان الرجال يتزوجون من النساء و لكن لا يتشاركون معهم نفس المنزل ، بل يسكنون مع أمهاتهم !!
و في ثقافات أخرى كان الرجل و المرأة يسكنون منزلين مختلفين و يجتمعون فقط أثناء الوجبة الرئيسية !!
في ثقافات أخرى أيضا لا يتشارك الزوجان بالمسؤولية الاقتصادية تجاه البيت و الأولاد ، و هناك ثقافات لا يتضمن الزواج فيها حتى اجتماع رجل و امرأة ، بل ممكن أن تتزوج امرأة بإمرأة و رجل مع رجل ...
و كذلك هناك ثقافات مثل الصين القديمة ، تتزوج فيها المرأة من روح (أو شبح) ، أي أنها تتزوج من رجل متوفي !!
أما بالنسبة لثقافة المسلمين فجميعنا نعرف أن الرجل قد يتزوج أكثر من امرأة ... كما في ثقافات أخرى قد يدفع الرجل للمرأة مقابل الطفل و يأخذه فلا يعود لها أي حق فيه !!
و في ثقافات قديمة ، كما قبل الاسلام ، كان الاحتفاظ بالطفل يعتمد على جنسه ، حيث كان البعض فقط وليس الكل ، يدفنون الطفل اذا كان أنثى ... و هناك في وقتنا الحاضر ، زواج المتعة الذي يتم فيه تحديد المدة اللازمة لذلك الزواج ، أي أنه ليس مثل الزواج الذي نعرفه و الذي من المفروض أن يدوم مدى الحياة
أما في بعض الثقافات يتم الزواج فقط بين الأقارب ولا يتزوج الشخص من عائلة غريبة ... و في القديم كان الزواج بهدف الحب قليل جدا ، فقد كانت غاياته أغلبها اقتصادية _ بهدف الانجاب و زيادة القوى العاملة _ بهدف الحكم (العائلات الملكية) _ التحالفات السياسية _ انتاج وريث شرعي _ جعل بعض العلاقات الجنسية قانونية
يقول المؤلف : و بسبب هذا التنوع الهائل لا يمكننا ببساطة أن نضع تعريف للزواج بحسب الاعتبارات التي نقيس بها اليوم ، و كذلك لا يمكننا أن نربط الزواج بالجنس أو الحب ، لأن هذه المصطلحات_بحسب المفهوم الحالي_ تعتبر مرتبطة ارتباطا وثيقا ...
أما بالنسبة لنقد هذه الأفكار السابقة في محاولة لاستخلاص تعريف مناسب للزواج ، يقول المؤلف :
إذا كان الزواج يعني ارتباط شخصين و إنجاب أطفال ، فإن المثليين'> زواج المثليين لا يعتبر زواج ... و إذا كان الزواج يتطلب عناية الأب و الأم بالأطفال حتى يكبروا ، فلا يمكن الزواج من الأشباح !!
يقول المؤلف أيضا أنه من خلال هذا المفهوم ، يمكننا أن نقبل بهذه الارتباطات لكن لا يمكن أن نعتبرها زواج !!
و من الأمثلة على ذلك : المثليين'> زواج المثليين ، أو متزوجون لا يمارسون سوى الجنس الخلفي (الشرجي) ، أو متزوجون كلاهما أو أحدهما عقيم !!
كما يذكر المؤلف بعض اعتراضات الباحثين و الفلاسفة على المثليين'> زواج المثليين ، حيث يقول أحدهم :
أن يجلب الفعل المتعة للشخص لايعني أنه مقبول اجتماعيا ، فمثلا إذا كانت جريمة القتل تجلب المتعة للقاتل ، هل يعني ذلك أنها تصبح مقبولة !!
و في النهاية يقول المؤلف :
كل هذا يعني أننا أحرار بأن نفكر بمفهوم الزواج على أنه مؤسسة بشرية الصنع أو التنظيم ، تتغير من وقت إلى آخر ، و هذا يعني أنها لا تحمل معنى ثابت لجميع الناس و جميع الأزمنة ... و هذا يعني أيضا أننا حتى نضع تعريفا محددا لمفهوم الزواج ، فإننا يجب أن نحيط علما بالهدف الذي يخدمه الزواج في هذه الفترة ، و الذي يحدد أيضا حدود القبول الاجتماعي أو عدمه !!