مراد وهبة
في جريدة «المصري اليوم» بتاريخ 7/11/2019 قرأت مقالاً عنوانه «حاكمية المواطن» لوزيرالثقافة السابق الكاتب والصحفى حلمى النمنم جديراً بأن يكون موضع حوار من أجل تأسيس ثقافة مغايرة لثقافة الإخوان المسلمين، وأن يدور هذا الحوار حول مصطلح «الحاكمية». إذ لدينا الآن نوعان من الحاكمية: حاكمية الله من وضع سيد قطب وحاكمية المواطن من وضع حلمى النمنم. والمصطلحان يتحركان في سياق الحضارة الإسلامية، وعلينا أن نختار أحدهما ونقصى الآخر لأنهما في حالة تناقض حاد. كيف؟
في كتابه المعنون «معالم في الطريق» يقول سيد قطب «يلزم أن تكون الحاكمية العليا لله معلنة، وأن يكون مصدر السلطات هو الله سبحانه لا الشعب ولا الحزب ولا أي من البشر، وأن يرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله لمعرفة ما يريده الله.. وهنالك نصوص معينة هي التي تحدد ما شرع الله».
وفى مقاله المعنون «حاكمية المواطن» يقول حلمى النمنم «إن مؤسسة الخلافة التي ترسخت مع الأمويين ثم العباسيين وصولاً إلى العثمانيين هي مؤسسة سياسية بشرية رسختها أسر حاكمة تشربت الكثير من تقاليدها من الدولة البيزنطية زمن الأمويين وليست من الدين في شىء ويزعمون أنه الدين». ويترتب على ذلك أن تكون الحاكمية للمواطن.
والسؤال إذن:
مَنْ هو المواطن؟
في حده الأدنى هو رجل الشارع وفى حده الأقصى هو المثقف ومنهما معًا تتألف السلطة السياسية وهى سلطة متغيرة بحكم التطور، ومن ثم فهى سلطة تتسم بأن أفكارها نسبية وليست مطلقة، أي أنها سلطة علمانية بحكم أن العلمانية هي التفكير في النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق. وهذه هي حاكمية المواطن على حد تعبير حلمى النمنم، وهى نقيض حاكمية الله التي تنطوى على تناقض كامن في أن هذه الحاكمية تستند إلى نصوص معينة هي التي تحدد ما شرع الله.
والسؤال إذن:
مَنْ الذي يحدد هذه النصوص؟ إنهم البشر. ومَنْ الذي يفسرها ويصوغها على هيئة قوانين؟ إنهم البشر. البشر إذن هم المشترك سواء كانت الحاكمية لله أم للمواطن.
والسؤال بعد ذلك:
مَنْ هم هؤلاء البشر؟
إن لهم عقولًا يلزم إعمالها في أي نص كان. ويسمى ابن رشد هذه العملية، عملية إعمال العقل في النص، بأنه تأويل. ثم يستطرد قائلًا: لا تكفير على التأويل ولا إجماع مع التأويل على حد تعبيره. وبلغة العصر نقول عن هذا التأويل إنه ذو سمة علمانية لأن التأويل متعدد ومع التعدد تكون النسبية ومع النسبية تكون العلمانية.. ومن هنا يكون البشر علمانيين بحكم كونهم بشرًا، وبالتالى تكون الحاكمية للمواطن.
ويبقى بعد ذلك تساؤل من اللازم إثارته:
كيف يمكن إحداث تراكم لتحويل العلمانية من فكرة متداولة إلى تيار من أجل تأسيس ثقافة جديدة لمجتمع جديد على حد تعبير الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
الجواب عندى أن نقطة البداية لهذا التراكم تكمن في كتاب الشيخ على عبدالرازق المعنون «الإسلام وأصول الحكم» والذى صدر في عام 1925 وأنكر فيه الخلافة الإسلامية فصودر الكتاب وحوكم مؤلفه. والمطلوب إعادة نشر هذا الكتاب بمقدمة لحلمى النمنم عنوانها هو عنوان مقاله «حاكمية المواطن».
نقلا عن المصري