هاني لبيب
شهدت الأيام القليلة الماضية غضبًا شعبيًا عارمًا على «فيسبوك» بخصوص تطوير الصورة البصرية لقناة ctv، وما ترتب على ذلك من تغيير شكل بعض البرامج ومضمونها، خاصة بعد برومو الإعلان عن تقديم الصحفى أشرف عبدالمنعم للبرنامج المسائى الرئيسى «فى النور»، وهو الأمر الذي تسبب في سجال حاد، شارك فيه مَن يتابع القناة ويشاهدها ويهتم بما فيها، وكذلك العديد من المتضامنين وجدانيًا دون أي معرفة حقيقية بالخريطة البرامجية للقناة وما تقدمه. أسجل هنا بعض الملاحظات المهمة عن السجال حول ctv وعنها:
أولًا: قناة ctv ليست قناة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية الرسمية، ولكنها قناة خاصة أسّسها الراحل العزيز د. ثروت باسيلى هدية للكنيسة لتنقل الصلوات والعظات الدينية من الكنائس، وتتابع أخبار الكنائس، وتقدم برامج لشرح العقيدة المسيحية، وبرامج حوارية منضبطة، وبالفعل بدأت بداية قوية، جعلتها محط اهتمام العائلات المسيحية المصرية في الداخل والخارج.
ثانيًا: تمثل قناة ctv للمواطنين المسيحيين المصريين نموذجًا واضح المعالم للحفاظ على الهوية، باعتبارها الوسيلة الإعلامية التي تنقل فعليًا ما يدور داخل الكنائس، خاصة في الصلوات المرتبطة بالأصوام، إلى المنازل.. بالشكل الذي جعلها في الوجدان الأرثوذكسى المسيحى المصرى «الكنيسة التي في بيتك»، حسب أحد الشعارات الترويجية للقناة، ولذا من الطبيعى عدم تقَبُّل مشاهديها تغيير «اللوجو» شعارها الرئيسى بهذا الشكل الملتبس.
ثالثًا: لا صحة لما تم الترويج له من فرض إحدى الجهات الأمنية لأشرف عبدالمنعم أو غيره على قناة ctv، وبالتالى لا صحة لما تردد حول ترشيح 3 شخصيات، منهم صحفية، لتقديم برنامج «فى النور». وهى شائعات وجدت مجالًا للترويج بسبب ما تواكب مع التغيير الذي طرأ على البرنامج الجديد من تغيير «لوجو» القناة في إطار تطوير «براند» القناة كلها، وتغيير كامل للجرافيك والفواصل وشريط الأخبار. ولم يصاحب ذلك التطوير حذف صوت البابا الراحل شنودة الثالث المميز للقناة «ربنا موجود» من الفواصل، كما أشاع البعض.
رابعًا: في تقديرى، أن إدارة القناة غير موفَّقة في اختيار الأستاذ أشرف عبدالمنعم لتقديم البرنامج المسائى الرئيسى لقناة ctv، إذ إنه غير معروف عند العديد من المواطنين المسيحيين المصريين من جهة، وليست له اهتمامات معلنة بقضايا المواطنة وحقوق الإنسان من جهة أخرى، فضلًا عن وجود بعض التصريحات القديمة التي تثير جدلًا واسعًا. وأعتقد أنه لو كان مقدم البرنامج هو د. خالد منتصر.. ما كان لهذه الزوبعة أن تحدث، فالأمر ليست له علاقة بديانة مقدم البرنامج، ولكن بمواقفه وآرائه السابقة.
خامسًا: بالطبع، الانفتاح والتغيير والتطوير مطلب أساسى، ولكن يظل الأمر في النهاية مرتبطًا بمدى حفاظ هذا التغيير على الهوية الأساسية للقناة، خاصة أن ctv في كل الأحوال قناة دينية دون أدنى شك، ولا يمنع هذا التمسك بالقواعد والمعايير المهنية في ظل وجود صبغة أو مرجعية مسيحية مصرية لها. والتمسك بالمهنية هنا يقتضى الفصل التام بين ما هو دينى وما هو إعلامى ووطنى «سياسى»، وعدم توظيف أو استغلال بعضها بعضًا.
سادسًا: أكرر ما طالبت به منذ 15 سنة، بتقنين الوضع القانونى للقنوات الفضائية الدينية «المسيحية والإسلامية» المصرية وفقًا للقواعد المحددة.. حتى لا يتحول الفضاء الإعلامى المصرى إلى فوضى القنوات الدينية، حيث يمكن أن يتسلل بينها مَن يفتعل الأزمات والتوترات الطائفية كما حدث قبل أحداث 25 يناير 2011. ملاحظة عابرة: حسنًا فعل أشرف عبدالمنعم بانسحابه.. فهى ليست معركة انتصر فيها طرف على حساب الطرف الثانى.
نقطة ومن أول السطر..
تقتضى المسؤولية المهنية والمجتمعية التراجع الذي اتخذته قناة ctv، والأهم هو مدى قناعة العودة إلى ما كان سابقًا.. والعمل على التطوير بشكل هادئ وحقيقى لضمان استمرارية القناة والحفاظ على متابعيها ومريديها.
نقلا عن المصرى اليوم