السجن سجن ولو فى قصر مطل على بحيرة، ومن يجول بناظريه فى الصور الأرشيفية الصفراء على حوائط استقبال ليمان طرة (ب)، يحمد ربنا على حال السجون المصرية الآن، شتان، سجناء يرتدون ثيابًا بالية مكبلين بالسلاسل من الوسط بالأيدى بالقدمين، سجون القرن التاسع عشر، صورة موحشة.. الله لا يعودها أيام.
الحكمة فى تصدير ألبوم الصور التاريخية بالاستقبال ليس صدم الضيوف، لكن بيان الحالة، كيف كان ليمان طرة (تأسس عام 1928)، وكيف أصبح، من كسر الصخور إلى صناعة الأثاث، ومن الأعمال الشاقة فى الصحارى المتاخمة إلى زراعة الأراضى المتاخمة، من رقاع بالية تكاد تستر الأبدان إلى ترنجات رياضية، خلاصته فارق بين عصور مظلمة وعصور حقوق الإنسان.
من الخيال، عقد الدورة الثالثة لمنتدى السجون المصرية داخل سجن ليمان طرة، وعلى مرأى ومسمع من المساجين، بل ومشاركة نفر منهم أعمال المنتدى، انتظام الانعقاد السنوى، وتنوع الحضور، ومستوى الشفافية، يؤشر على تغيير هائل فى البنية الفكرية الحاكمة للسجون سينتهى لاحقًا بلائحة عقابية حديثة تنقل السجون نقلة عصرية.
فتح أبواب أعرق السجون المصرية بتوجيه من اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، بهذه الجسارة أمام المنظمات الحقوقية والصحافة، مصرية وعربية وأجنبية، نقلة نوعية فى قطاع السجون، لا سبيل لمواجهة الهجمة الحقوقية العالمية إلا بالشفافية فى هذا الملف الذى يمكن وصفه بـ«كعب أخيل»، العصب العارى الذى تصيبه سهام التقارير الدولية الجزافية.
إعلان اللواء أشرف عز العرب، مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، عن استعداد قطاع السجون لاستقبال البعثات الحقوقية، فى أى توقيت فقط بإخطارات قضائية، جدير بالتقدير، فليس هناك ما هو خاف فى السجون، وقبله حفز وتشجيع مسؤولى القطاع على المزيد من الانفتاح على المنظمات الحقوقية، وهذا يؤمن سياقًا تفاهميًا غاب طويلًا وكلفنا الكثير من سمعة السجون المصرية.
الاستعراض الدورى لحالة السجون المصرية من خلال المنتدى الثالث للسجون، يؤطر لمرحلة جديدة فى عمر السجون المصرية، مرحلة تسمح بالمتابعة والمراقبة والتفتيش رغبة فى تحسين جودة الحياة فى السجون، وتوفير الرعاية الحقوقية والصحية والإنسانية الكافية لمن قذفت بهم أمواج الحياة وراء القضبان.
السجون تأديب وتهذيب وإصلاح، لم تكن أبدًا تعذيبًا وسحلاً وإذلالاً، وهذا ما لا يطيقه إنسان على إنسان، وكما قطع اللواء عز العرب بأن أى تجاوز تجاه المساجين يواجه بأقصى العقوبات حسب تشديدات الوزارة التى تحاسب المتجاوزين للوائح العقابية حساب الملكين.
ما شاهدناه خلال وقائع المنتدى الثالث للسجون، نموذج لاستطلاع حال السجون المصرية من داخل السجون، الزنازين والمستشفيات والملاعب والمطابخ والمصانع والمزارع، طبعا هذا لا يعجب البعض، الصورة النمطية المظلمة لليمان طرة تحكم الرؤية وترسخها آلة الإخوان الإعلامية الخرقاء، كيف هذا، عجيب والله عجيب، ويفسفسون سخرية، أهلا بك فى بورتو طرة، ناس لا يعجبها العجب ولا مزارع النعام فى ليمان طرة!.
نقلا عن المصرى اليوم