محفوظ مكسيموس
لا يمر عام كامل دون أن نسمع أن أحدهم يقاضي شيخ التنويريين دكتور خالد منتصر و كل التُهم التي وجهت له مفادها ( أنه مفكر يدعو لدولة مدنية ) و لقد تناسوا هؤلاء أن خالد منتصر هو إبن و تلميذ نجيب للعظيم في الأدباء نجيب محفوظ الذي قال فى روايته السكرية :
( والعقل يحرم صاحبه نعمة الراحة فهو يعشق الحقيقة ويهوى الجدال النزيه ويتطلع إلى منهجية الحوار فيرتطم بالجهلاء ويشقى في نزاعه الدائم مع التعصب والتشدد والانفعالات المختلفة )
فمن تتّلمذ علي هذه الكلمات يعلم علم اليقين أنه سيواجه جيوشا جرارة من أصحاب الفكر المُعادي للإنسانية فلا تجتمع الظلمة مع النور ولا يحتمل الجهل أن يسود العلم و التنوير، ولا طاقة للقبح في إحتمال الجمال. لو علموا هؤلاء و قرأوا فقط مقدمة كتاب ( قبل السقوط ) لشهيد التنوير فرج فودة حيث قال:
( لا أبالي إن كنت في جانب والجميع في جانب آخر، ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم. ولا أجذع إن خذلني من يؤمن بما أقول. ولا أفزع إن هاجمني من يفزع لما أقول. وإنما يؤرقني أشد الأرق، أن لا تصل هذه الرسالة إلى ما قصدت. فأنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح. وأنصار المبدأ لا محترفي المزايدة. وقصاد الحق لا طالبي السلطان. وأنصار الحكمة لا محبي الحكم )
هذه الكلمات الذهبية التي شكّلت وجدان خالد منتصر كفيلة بإنتصاره الدائم و ضامنة لإستمراره في رحلة التنوير التي يعلم ضرائبها الباهظة و مخاطرها الحتمية و هنا أتذكر كلام شهيد الكلمة ( فرج فودة ) في إهداء مقدمته لأحد كتبه مخاطبا إبنه قائلا : إلي إبني ياسر الذي لم أدّخر له سوي المخاطر.
هؤلاء الرعاع لا يعلمون أن خالد منتصر هو البذرة الصالحة التي زرعها نجيب محفوظ و رواها فرج فودة و يتنفس أكسجينها كل محبي الحياة فكيف يموت إذا؟؟!!! هل مات نجيب محفوظ رغم مفارقته للحياة بالجسد؟! هل يتذكر أحد اسم قاتل ( فرج فودة ) ؟!!
يا سادة هؤلاء العظماء يعيشون مدي الدهر فتربتهم الخصبة تنبت لنا أبناءا خالدين لا تَحًدهم أسوار السّجان و لا رصاص الجهل ولا سكين التطرف.
فخالد ( خالد ) بفكره و تنويره و أدبياته و حروبكم ما هي إلا جرس إنذار لهؤلاء الغافلين الذين لم يستنيروا بفكره ليسارعوا بركاب تلاميذه من محبي الحياة و عشاق السلام.
و أخيرا سأستشهد بكلام (نيتشه ) الفيلسوف العظيم حين قال : الرعاع أعتنقوا معتقداتهم بدون براهين، فكيف يمكنك أن تقنعهم بزيفها من خلال البراهين؟ إن الإقناع في سوق الرعاع لا يقوم إلا على نبرات الصوت وحركات الجسد، أما البراهين تثير نفورهم.
الإعتداء علي شيخ التنويريين د/ خالد منتصر بمثابة سبة في جبين وطن يّدعي مَسئُولِيه المدنية الزائفة وإنتصار للهمجية بمصر و مقاضاته لفكره المستنير هو العار بعينه و إنتصار مؤقت لطيور الظلام.