حمدي رزق
قطع الأنبا صرابامون، أسقف ورئيس دير القديس العظيم الأنبا بيشوى، الطريق على مسلسل «بابا العرب»، وأسكنه ثلاجة الدير، أراح كما يقولون واستراح، لا المسلسل سيضيف لسيرة البابا سطرًا منيرًا، ولن ينقص من مكانته التاريخية مسلسل أو فيلم، ولطالما صادف المسلسل اعتراضات لها وجاهتها الكنسية والسياسية، فلمَ تعريض ذكرى قداسته لأمر لم يكن يرتضيه فى حياته؟!
نصًا، وفى بيان قصير نشرته صفحة المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منسوبًا للأنبا صرابامون: «نظرًا لعدم توافر التمويل المطلوب، ولأسباب خاصة بالدير رأينا تجميد العمل الخاص بمسلسل بابا العرب إلى أن يشاء الله».
غامضة هى الأسباب الخاصة بالدير، لم يفصح البيان، وأفهم تعبير «إلى أن يشاء الله»، باعتبار أن المسلسل مستبعد فى المستقبل القريب، السيناريو الذى نال كل الموافقات الرقابية متروك للأجيال، لكن حديث التمويل أراه دغدغة لمشاعر الرافضين لإنتاج المسلسل بموازنة تقارب 80 مليون جنيه، قيل إنها تبرعات، متى كانت المسلسلات الضخمة تمول إنتاجيًا بالتبرعات، هكذا صدح المعترضون، التبرعات للفقراء، والفقراء كثر، وما يحتاجه الفقراء يحرم على المسلسلات.
تخارج ذكى من أنبا أريب من معضلة المسلسل الذى نال رفضًا إلكترونيًا عارمًا، لأسباب شتى، آخرها، كما أعتقد، توافر التمويلات، فالميزانية الإنتاجية لا تشكل ثقلًا ماليًا حتى على أحباء البابا شنودة، وإذا دعا داعٍ للتبرع تبركًا لتمويل المسلسل فى قداس واحد، محبة البابا شنودة متجذرة فى القلوب، وتتشوق أجيال لرؤية البابا مجسدا على الشاشة، وتستعيد معه ذكريات عقود عبرت فى مصر'> حب مصر.
أخشى أنها حجة تخفى خلافًا مسيحيًا حول محطات كنسية حرجة فى مسيرة البابا شنودة (أزمته مع الأنبا متى المسكين) وسياسية (خلافه مع الرئيس السادات)، ولكن ما أستنكفه أن يكون هناك اعتراض مسيحى على اسم المسلسل «بابا العرب»، وبالفعل هناك أصوات رافضة لهذا اللقب، الذى استحقه البابا شنودة الثالث بمواقفه الداعمة للقضايا العربية، وإيمانه بالقضية الفلسطينية، وتحريمه زيارة القدس إلا بعد زوال الاحتلال.
لقب «بابا العرب» استحقاق للبابا والكنيسة، وكان يغبطه تمامًا، لماذا ينفر بعض إخوتنا من هذا اللقب؟ لماذا يرفضون الرابطة العربية حتى فى اسم البابا؟ لماذا يبتعدون بمسافة عن العربية، تضعهم فى قلب العالم العربى، لماذا يشعرون بأنهم ليسوا عربًا؟
أعلم أن مثل هذا الشعور ينتاب بعضًا من الشباب المصرى، وبعض المفكرين المصريين، ويرون مصر مصرية، أو متوسطية، أو إفريقية، ولكنهم يتحفظون على كونها عربية، وفى المقابل هناك من ينحازون إلى عروبة مصر، باعتبارها عربية وكفى ويكفيها، وهذا جدل من عمر دخول العربية إلى مصر، هل اصطدم المسلسل بهذا الحكى، لو كان البابا بيننا لزأر فى الشعب: «أنا بابا العرب».
نقلا عن المصرى اليوم