الأقباط متحدون - أقباط الثورة
أخر تحديث ١٠:٥٠ | الجمعة ٢٧ يناير ٢٠١٢ | ١٨ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٥٢ السنة السابعة
إغلاق تصغير

أقباط الثورة


بقلم : فادى يوسف 

أذا رصدنا التاريخ القبطى منذ نشأته على يد مرقس الرسول وحتى الآن سنكتشف أن الاقباط ليس لهم اهتمام بالحكم أو إدارة شئون الدولة أو مناصب وكراسى سياسية إلا إذا كلفت لهم مهام من الحكام أو الرؤساء 
 
فربما التكوين الايديولوجى للاقباط وتفكرهم الثقافى الساعى للنواحى الروحية جعلتهم لا يفكرون بثورات ضد حكم أو نظام برغم معانتهم أشد المعاناة طوال القرون الزمنية المنصرمة والتى اشتد فيها الاضطهاد والقمع تارة للاقباط وتارة لملة أو طائفة منهم وتارة لجميع الشعب المصرى فالاقباط لم يسع منهم أحد للحصول على مناصب سيادية أو زعامية بل لم يطمح منهم أحد فى فرض قوانين أو شرائع بالين أو بالقوة 
 
وعندما يشتد الظلم والاضطهاد على القطر المصرى يخرج الاقباط ملازمين أخوتهم المسلمين معلنين عن رفضهم لذلك الاستبداد ومعلنين للسلطان أو الملك أنهم فى حاجة لمن يمنحهم قوت يومهم ليس أكثر. 
 
هذا ما كتبه وسجله المؤرخون السابقون مؤكدين أن الاقباط ليس فى مطمعهم الدور السياسى أو السلطة حتى عندما ذكر أن هناك ثورة أقامهما أقباط وعرفت بالثورة «البشمورية» فلم تكن ثورة سياسية أو لمطامع فى قلب نظام الحكم بل من أجل رفض الاضطهاد الواقع على الاقباط من أتباع الحاكم والتى سرعان ما أنتهت بمذبحة أتت على أقباط الدلتا فصار حتى الآن أعدادهم قليلة فى تلك المنطقة عكس الجنوب والمسمى بالوجه القبلى لمصر. 
 
ولكن بتطوير العصور أثبت العصر الحديث وبدأ بثورة 1919 تحرك إيجابى للاقباط بدعوة القوى السياسية لهم فى ذلك الوقت بالاشتراك فى ثورة ضد الانجليز لاثبات الاتحاد الوطنى ورفض التصريحات الغربية بحماية الاقليات وأنجبت تلك الثورة من ذلك الوقت أسماء قبطية لامعة ظلت تتردد فى أذهاننا الى الآن لوطنيتها المستمدة من العرق القبطى الاصيل والذى كان مهمشاً ومستبعداً من الحياة السياسية ومقصوراً على علاقة الدولة بالكنيسة ورئيسها فقط 
 
ولكن سرعان ما تم احجام تلك الادوار القبطية على الساحة السياسية على يد ثورة 1952 بعدم تواجد قبطى واحد فى مجلس الثورة المكون من الضباط الاحرار أو عدم تمثيل قبطى سياسياً فى جميع القيادات السياسية واستمر الحال حتى انقضاء حكم مبارك بتنحيه أو بالمعنى الادق بخلعه من على كرسى الحكم لما أضر البلاد والعباد خلال فترة حكمه والذى اعتمد على ايجاد شق الصف المصرى بين أقباطه ومسلميه لكى يخلو له كرسى الحكم بافتعال ما يعرف باسم الفتن الطائفية والتى كانت تتمركز خطورتها فى الدور الامنى والقضائى . 
 
وللاسف لم يدرك النظام السابق أن تهميش الاقباط سياسياً سيجعلهم أيضا رافضين لهذا الوضع وأؤكد أن هذا ليس طمعاً من الاقباط فى المناصب مثلما قلت مسبقاً ولكن من أجل تطبيق مبدأ المواطنة الكاملة بين جميع المواطنين وعدم التفريق بينهم فى الجنس أو اللون أو العقيدة كما أوصى الدستور المصرى وهذا التهميش شمل.. ليس المناصب الوزارية فقط وإنما داخل مجلس الشعب ومجلس الشورى والقيادات الجامعية والعسكرية وربما جميع المصالح الحكومية بلا استثناء والاعتماد فقط على شخص أو اثنين بالاكثر من الاقباط كوجه تمثيلى يوصف بأقل من الضعيف. 
 
وجاءت ثورة اللوتس البيضاء السلمية على مبادئ عيش وحرية وعدالة اجتماعية وشارك بها الاقباط فى جميع أنحاء القطر المصرى وأيضا ساندها جميع أقباط المهجر لرفضهم الوضع المتردى الذى عايشه الاقباط والذى يعتبر شرارة البدء للثورة من خلال وقفهم ضد قوات الامن المركزى فى أحداث العمرانية ورفضهم لقرارات محافظ الجيزة الجائرة بمنع استكمال البناء لكنيسة وسقط منهم شهداء ومصابون ثم فى أوائل العام الماضى بقولهم بفم واحد لا لمبارك فى صلاة الجنازة لشهداء الاسكندرية وتظاهرهم فى شوارع مصر لمدة أربعة أيام متتالية ضد حادث تفجير كنيسة القديسين ولكن تلك الانتفاضة القبطية لم تكن سياسياً أيضا بل حقوقياً ومطالبة بعدالة اجتماعية ومواطنة كاملة .وشىء منطقى إذا كان الاقباط هم الشرارة التى أشتعلت فى قلوب المصريين بامكانية الوقف ضد ظلم الداخلية وقول الرفض لحاكم يقمع شعبه ولا يحميهم فكان فعلهم أن شاركوه فى الثورة ومن أول لحظة بها وحتى تلك اللحظة التى تسيطر فيها الحقائق ونحن ومستمرون بمبادئها رافضون المتاجرة بدم الشهداء والمصابين بمقابل كراسى ومناصب زائلة محتفظون بما هو أثمن وأغلى وهو وطنيتهم لبلد يجرى فى دمائهم وعروقهم حتى إن هاجر البعض منهم لا ينسوه ويؤسسون أولادهم على حبه وفدائه. 
 
وفى تذكار مرور عام على بدء الثورة وعلى قرار استكمالها يتذكر الاقباط أيضا تضحيتهم وثبات مبدئهم واستمرار نضالهم مشاركين كمصريين مع أخوتهم فى الوطن المسلمين فى إعلاء العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. 
الآن الاقباط يدخلون ثورة مستكملة بخبرة سياسية تعرف كيف من الممكن فى زمن اللا ممكن وبمطالب ليست فئوية أو طائفية بل مطالب وطنية مصرية خالصة وبتواجد هو الاكبر لهم فى مجلس الشعب حتى لو بنسبة ضعيفة. 
 
يدخلون الاقباط فى استكمال ثورتهم بتسليم الحكم لمجلس رئاسى مدنى وبدستور لدولة مدنية تحترم جميع اطياف شعبها وتكرس مبدأ المواطنة دون ان يكون لقبطى واحد مطمع سيادى أو كرسى قيادى وبقصاص لقتلة الشهداء وبحياة أفضل فى وطن هو الافضل. 
 
فشكراً لثورة قامت وأقامت معها ضمائر وأفكار ونفوس الكثيرين من أبنائها. 
شكراً لمن رسموا الطريق بدمائهم لكى لا نحيد عن مبادئهم ولا نبيع دماءهم. 
شكراً لمن وهب حياته وآماله ومستقبله وأولاده لوطن هو الاغلى والاسمى فى الامانى. 
شكراً لكل مسلم يمسك فى يد قبطى ويطالبه أن يشاركه فى صنع تاريخ جديد لمصر. وشكراً لكل قبطى يؤمن أن حريته تأتى من أخيه المسلم وليس من الخارج. 
 
والشكر هو بدء الاعتراف بجميل لمن قدم كل شىء واغلى شىء لصنع حرية حقيقية، أما رد الجميل فالثورة مستمرة يا أحرار مصر فميادين مصر فى انتظاركم من أجل صنع مستقبل لوطن يحيى بداخلنا فلا تبخلواأن تسجلوا أسماءكم بحروف من ذهب فى كتاب وطن لم ينسى ولن ينسى.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع