كتب: مدحت عويضة
شهدت كندا في الواحد والعشرين من أكتوبر الجاري انتخابات فيدرالية برلمانية، وهي الانتخابات التي تتشكل في ضوء نتائجها الحكومة التي تحكم كندا في الأربع سنوات القادمة. وصفت هذه الانتخالات أنها الأكثر حدة في تاريخ كندا والأدني أخلاقيا وقد أقتربت في التدني من الانتخابات الأمريكية. إنتهت الانتخابات بفوز حكومة الليبرال ب ١٥٧ من أصل ٣٣٨ ليتمكن الحزب الليبرالي من تكوين حكومة أقلية وحصل حزب المحافظين علي ١٢١مقعد فقط. بينما حصل حزب كيبك الإنفصالي علي ٣٢ مقعد فيما أكتفي حزب الديمقراطيين الجدد ب٢٤ مقعد وكسب حزب الخضر ٣ مقاعد وكرسي واحد فاز به المستقلون. الذي شغلني وأحزنني هو التناحر بين أبناء الجاليات العربية في هذه الانتخابات وكأنهم مازالوا يعيشون في الشرق الأوسط.
ولكي أكون أمينا فالتناحر كان بين الأقباط من جهة وبين الجاليات العربيةالإسلامية من جهة أخري. الذي ساعد علي إشتعال الحرب وجود مرشحين عرب ومسلمين علي قوائم الحزب الليبرالي، بينما تواجد الأقباط علي قوائم حزب المحافظين. في حين أن حزب الديمقراطيين الجدد رشح مرشح قبطي ولكنه للأمانه أدار حملته في هدوء وبعيدا عن المشاحنات.
يرجع سبب الهجوم الي تصريحات نسبت لمرشحة قبطية من الستة مرشحين،وصفت تصريحاتها بأنها تحمل كراهية ضد الجالية الإسلامية في كندا،وطالب المسلمون الكنديون بأن يقوم الحزب بإستبعادها الأمر الذي لم تستجب له قيادات حزب المحافظين. لم يحالف الحظ خمسة من المرشحين الأقباط بينما أعيد انتخاب ألان ريس مرة أخري في كيبيك وكسب بفارق ١٠ ألافصوت وألان قبطي هاجر والدية من أسيوط وهو لا يجيد العربية وكان يشغل عمدة مدينة (فيكتوريا فيل) من سنة ٢٠٠٩ لسنة ٢٠١٥ ثم أنتخب للبرلمان الكندي ٢٠١٥ وأستطاع الحفاظ علي مقعدة ٢٠١٩. وللأسف فالميدياالمصرية تتجاهله ولا أدري ما هو السبب. وربما يكون سر نجاحه هو إنه كندي الهوية فقد حصل على منصب عمدة مدينة سنة ٢٠٠٩ وهو مواليد١٩٧١. وهو ليس مجرد عضو في المحافظين بل هو أحد قيادات الحزب الكبار. وقد تشرفت بمقابلته في اغسطس ٢٠١٨ وقال لي أن زوجته وأولادة في رحلة لمصر.
نعود للشئ المؤسف الذي حدث بين جالياتنا في كندا وخصوصا مدينة مسيسوجا معقل الجالية العربية. والتي ساعدت شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا الفيس بوك في زيادة إشتعالها. مما شهدته من تراشق بالألفاظ تعدي حدود الأدب بمراحل وإتهامات من الطرفين. أمتد التلاسن بالألفاظ لمابعد ظهور النتيجة من خلا التشفي وعبارات الشماتة التي ملأت الفيس بوك. وهذه ليست أخلاق كندا فشخص واحد سيفوز في كل دائرة وتعودنا أن الذي يكسب الانتخابات يقوم بالاتصال بالخاسرين ويشكرهم علي مجهودهم ويتمني حظ أوفر فى المرات القادمة. والخاسر يقوم بتهنئة الفائز ويتمنى له التوفيق في عمله. ويتعهد الفائز بأن يكون ممثلا لكل أبناء دائرته من الذين أعطوه أصواتهم والذين لم يصوتوا لصالحة. هذه هي كندا التي عرفناها وهذه هي الانتخابات الكندية التي شاركت فيها منذ سنة ٢٠٠٤.
هنا أنا لا أريد أن أزيد من الأمر إشتعالا فنحن في الحقيقة كجاليات عربية قد نستطيع مساندة مرشح ودعمه ولكننا غير قادرين علي حسم نتيجة الانتخابات في أي دائرة، أنظر للفارق عشرة ألاف صوت بين الفائز ومن أتي في المركز الثاني، بينما نحن ليس لدينا عشرة ألاف عربي في أي دائرة،والذي يحدد نتيجة الانتخابات هو الرجل الأبيض الذي لا تسمع له صوتا أثناءالحملة. وربما لا يفصح لك عن الحزب الذي ينوي أن ينتخبه هو يراقب برامج الأحزاب وينتخب علي أساس مصلحته ومصلحة بلادة فقط لا غير فأونتاريوالتي أنتخبت المحافظين العام الماضي علي مستوي المقاطعة هي التي كانت سبب نجاح الليبرال علي المستوي الفيدرالي، وأونتاريو التي أنتخبت المحافظين في شهر مايو ٢٠١١ هي التي صوتت لصالح الليبرال في شهرأكتوبر من العام ذاته!!!!!!!. وأذكر أنه في سنة ٢٠١١ قرعت أحد الأبواب في حملة الصيدلي المصري المحترم بن شنودة خرج لي رجل دعوته لتأييدنا فقال لي أنا ليبرالي لكن أنتظر زوجتي من المحافظين ودعاها لتحضر وأخذت من الدعاية ووعدتني بالتصويت للمحافظين وقام الرجل بمصافحتي وتمني لي التوفيق وشكرني علي المجهود الذي أقوم به.
الانتخابات إنتهت ونحن أولاد ثقافة واحدة ونتكلم لغة واحدة ويجب علينا أن نرتقي بردود أفعالنا، ويجب أن لا تفرقنا الاتجاهات السياسية وعلينا أن نتوقف عن الملاسنات التي تولد الضغينه، وهنا أوجه دعوه لكل قادة الجاليات ولكل الذين يقودون هذه الملاسنات بالتوقف والبحث عن شئ مشترك بيننا. علينا أن ننسي العادات والأساليب التي من أجلها تركنا بلادنا وهاجرنا لكندا. علينا أن نتذكر أن بلدنا الجديد هو أمانه في أعناقنا ويجب أن نحافظ علي تعددية مجتمعنا. وتسامحة وقبوله وأحترامه للأخر وأن نسلم هذا البلد لأولادنا كما وجدناه نقيا محترما. أختتم مقالي بمقولة صحفي كندي قابلني في بداية هجرتي، قال لي نحن هنا في كندا لا نقبل الأخر، بل نحن نحب ونحترم الأخر مهما كان جنسة أو لونه أو دينه