هاني لبيب
شلل القاهرة التام، الثلاثاء الماضى، حدث يجب ألا يمر مرور الكرام، ليس فقط بسبب تعطل الحياة العامة للغالبية العظمى من المواطنين المصريين، ولكن أيضاً لاستبيان ما نحن عليه، وما يجب أن يكون.
الدخول في المقارنات بين ما حدث في القاهرة وما حدث في بعض العواصم العالمية هو حق يراد به باطل.. إذ إن المقارنات غير متكافئة، سواء لاختلاف سياق خصوصية وظروف كل بلد، أو بسبب الاختلاف في البنية التحتية والاقتصادية المختلفة. كما أن المقارنات على «دولة الفيس بوك» تتم في الغالب الأعم تحت مظلة تصفية الحسابات السياسية لفوز فريق ورأى على فريق ورأى آخر، وليس لصالح إدارة الأزمة وتحديد سيناريوهات الحلول لصناعة القرار الصحيح واتخاذه للحد من تأثير الأزمة وتبعاتها.
أعلم جيداً أن هناك العديد من المناطق التي نجحت في تفادى ما حدث، ولكن تظل الصورة العامة هي الصور التي تندر عليها الرأى العام من جهة، وتداولها من خلال «كوميكسات» ساخرة توجه رسالة سلبية للعالم من جهة أخرى.
ما حدث في تقديرى هو تراكم لسوء تخطيط البنية الأساسية منذ أكثر من نصف قرن بسبب عدم مراعاة التحديات المستقبلية المتوقعة، ودليل ذلك اعتمادنا على شبكات الصرف الصحى في تصريف مياه الأمطار بسبب عدم وجود شبكات خاصة مجهزة لها، حسبما صرح المستشار نادر سعد على القنوات الفضائية يوم الأربعاء الماضى مساء. وهو الأمر الذي نلحظ عدم وجوده في شوارع بها تلك الشبكات منذ أكثر من 70 عاماً.
بالقطع، هناك صعوبة بالغة في التعامل مع البنية التحتية المتهالكة ومنتهية الصلاحية للقاهرة المزدحمة والمتخمة بالنصيب الأكبر لعدد السكان عن باقى محافظات الجمهورية، وهو أمر لا يمكن معالجته فعلياً إلا بتخفيف الضغط السكانى عليها، وما سبق هو أحد الأسباب الرئيسية للجوء إلى بناء العديد من الكبارى والأنفاق لتيسير حالة المرور التي أصبحت مشكلة حقيقية، فليس من السهل ضبط البنية الأساسية المتداخلة عشوائياً تحت «أسفلت الشوارع» من خطوط كهرباء وتليفونات وشبكات مياه وصرف صحى وغاز بهذه البساطة التي يعتمدها البعض في تقديم حلول وهمية لما حدث.
أعتقد أن الأفضل هو التعامل الجدى من المحليات ومركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء مع مثل هذه التوقعات الجوية، لأن التعامل معها بشكل علمى، من شأنه أن يجنبنا الكثير مما حدث، خاصة لو تم توجيه المواطنين بالتزام المنازل والتحرك في أضيق الحدود.
نقطة ومن أول السطر..
أشعر وكأننا تعاملنا مع توقعات الأرصاد الجوية باعتبارها شعوذة، وأن التنبؤات هي رجس من عمل الشيطان. واستبعدنا الأساس العلمى والتقنى لهذه التوقعات.. رغم ما كان يمكن أن تجنبنا إياه.
نقلا عن المصرى اليوم