محمد أمين
لم أصدق ما قرأته، ولم أصدق هذا الكلام إطلاقًا، حاولت البحث عنه أولًا.. لم نسمع هذه النغمة من أى رئيس أمريكى قبله.. «ترامب» يقول بوضوح إن الأخلاق والإنسانية لا تحكم العالم.. المصالح هى التى تحكم العالم.. وهو مدخل حقيقى لفهم شخصية من يسكن «البيت الأبيض».. مهم أن نعرف قناعاته.. يبدو أنه سيمكث معنا دورة رئاسية جديدة ولا ندرى ما يفعله!.
ومهم أيضًا أن نفهم تكوينه النفسى.. إنه يقول: «هذا عالم لا مكان فيه للقيم والإنسانية».. ويقول إنه «نموذج طبيعى» لهذا العالم، فلا تستغربوا.. ويقول أنا مثلًا أدير مؤسسات للقمار، وأنا اليوم رئيس أقوى دولة فى العالم.. إنه عالم يخلو من القيم الإنسانية والأخلاقية.. النظام العالمى ليس فيه مكان للأديان والأخلاق.. لقد تحول عملنا الآن إلى ما يشبه «الآلة»!.
ولا يخجل الرئيس ترامب حين يقول: إن الفوضى الحالية فى العالم سوف تخلق عالمًا جديدًا.. إنها «ولادة جديدة»، ستكلف الكثير من الدماء، وعليكم أن تتوقعوا مقتل عشرات الملايين.. ونحن كنظام عالمى «غير آسفين» أبدًا، فنحن لم نعد نملك المشاعر والأحاسيس.. مثلًا سنقتل الكثير من العرب والمسلمين ونأخذ أموالهم ونحتل أراضيهم ونصادر ثرواتهم!.
مرة أخرى لا أصدق أبدًا حين يقول: «أعترف أنه فيما مضى كنا (نقلب) الأنظمة وندمر الدول تحت مسميات الديمقراطية، لأن همَّنا كان أن نثبت للجميع أننا شرطة العالم.. أما اليوم لم يعد هناك داعٍ للاختباء، فأنا أقول أمامكم لقد تحولت أمريكا من شرطة إلى شركة، والشركات تبيع وتشترى، وهى مع من يدفع أكثر، والشركات كى تبنى عليها دائمًا أن تهدم»!.
ويصل الرئيس الأمريكى إلى نتيجة مثيرة للدهشة، فيقول: «لا يوجد مكان مهيأ للهدم أكثر من الوطن العربى.. مصانع السلاح تعمل، ولا يعنينى من يموت ومن يقتل فى تلك المنطقة، وهذا الأمر ينطبق على الجميع، فأنا سأكمل مشروع السيطرة على النفط العربى، لأنه من خلال السيطرة عليه تكتمل السيطرة على أوروبا.. كما أنه لا توجد شعوب حرة بالمنطقة للأسف»!.
فما سبق مهم للغاية لتعرف: كيف يفكر الرئيس ترامب؟.. كيف يتعامل مع القضايا المختلفة فى سوريا وليبيا والخليج العربى؟.. كيف يتعامل مع تركيا؟.. ولماذا سحب قواته قبل عملية «نبع السلام»؟.. إنه يفكر طوال الوقت فى المصلحة وحدها.. كم يربح من العملية؟.. هو لا يتعامل بأخلاق أو إنسانية.. وهو يعرف أن «العالم الجديد» سيتكلف مزيدا ًمن الدماء!.
مرة أخرى، لا أصدق عينى.. ولا أصدق ما قرأته.. أرجو أن يكون كذبة.. وأرجو أن يكون كلامًا انتخابيًا استعدادًا للانتخابات الرئاسية.. لكنه فعلًا تاجر يتحرك بلا قلب ولا مشاعر.. ولا يهمه أن يسقط الكثير من القتلى حول العالم.. ولكن لماذا لم نسمع رد فعل دوليًّا حتى الآن؟!.
نقلا عن المصرى اليوم