أزمة حقيقية تعيشها مصر في مياه الشرب بالتزامن مع بناء سد النهضة الذي سيؤثر على حصة مصر من المياه، ولا تزال المفاوضات مستمرة من أجل حل الأزمة، وفي خِضَم ذلك تظهر أزمة جديدة هي سرقة المياه والتي يقوم بها بعض المواطنين.

48% هي نسبة المياه المسروقة كام أعلن عنها وزير الإسكان، مطالبًا الهيئة القومية والشركة القابضة لمياه الشرب بتخصيص شرطة لمواجهة سرقة مياه الشرب، مؤكدًا أن ما يتم تحصيله من إنتاج المياه نحو 52%، والباقي يتم تسميته بتسريبات وهو في الحقيقة "سرقة".

"الدستور" تواصلت مع بعض المواطنين الذين تورطوا في سرقات مياه الشرب، وعرضت القصة الكاملة لمحاولة شركات المياه السيطرة على عمليات السرقة.

نور مدحت 26 عامًا، من قاطني مدينة 15 مايو محافظة القاهرة، قالت: اشترى زوجي شقة بمنطقة أطلس وقمنا بتجهيزها وتزوجنا منذ ما يقرب من عام إلا أنني فوجئت بأن العمارة ليس بها عداد للمياه، فحاولنا التحدث مع صاحب العقار، وكيف قام بتوصيل المياه دون تراخيص ودون تركيب عدّاد، إلا أنه قال إن هذه المنطقة جديدة في العمران وأن أغلب المنازل في المنطقة لم تحصل على تراخيص المياه.

"لم ندفع فاتورة مياه واحدة منذ انتقالنا إلى الشقة"، هكذا استطردت "نور" حديثها، حيث تحدثت مع بعض الجيران في كيفية دفع الفواتير، فكان الرد أنه لا بد أن يقوم صاحب العقار بالحصول على ترخيص من شركة مياه الشرب ومن بعدها تقوم بتركيب عدادات مياه لسداد ثمن ما نستهلك، وبالفعل تحدثنا معه ووعدنا بتركيب عدادات ولكن لم يتم ذلك حتى الآن.

تبلغ حصة مصر من مياه النيل 55.5 مليار م3، حسب إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتمثل 69.4٪ من جملة الموارد المائية عام 2016/ 2017، بينما تقدر مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية وكذلك مياه الصرف الزراعي والصحي التي تم تدويرها ومياه البحر المحلاة بنحو 24.5مليار م3عام 2016/2017 مقابل 20.75مليار م 3 عـام 2015/2016 بنسبة زيادة قدرها 18.1% .

عبدالله عبدالله، من محافظة الجيزة، تورط في سرقة مياه الشرب بعد شرائه منزلًا كان مالكه سارقًا لمياه الشرب، فوجد نفسه متهمًا بسرقة مياه الشرب رغم عدم مكوثه في المنزل بعد شرائه، واكتشف أن مالك المنزل الذي اشتراه سرق مياه الشرب دون الحصول على تراخيص أو تسديد قيمة المياه التي يستهلكها ولم يكن لديه علم بذلك.

وتابع: في صباح أحد الأيام جاءني موظف من شركة المياه التابعة للجيزة يطلب مني الحضور إلى الشركة لتسديد قيمة الغرامات وتحرير محضر بالواقعة، ولم يكن لدي علم بما قام به صاحب المنزل قبل أن أشتريه، ووجدت نفسي ملزم بتسديد قيمة الغرامات الموجودة على المنزل قبل أن تقوم الشركة بتركيب عداد جديد.

مروة سلام، محامية، قالت إن القانون المصري يتعامل مع اختلاس أو سرقة مياه الشرب بأحكام قانون السرقة المنصوص عليها في المادة 311 والمادة 316 مكرر ثانيًا من قانون العقوبات رقم 85 لسنة 1937، والتي تنص على أنه كل من اختلس منقولًا مملوكًا لغيره فهو سارق.
تقول "سلام"، في تصريحات لـ"الدستور"، إن القانون يعاقب بالسجن على السرقات التي تقع على المهمات أو الأدوات المستعملة أو المعدة للاستعمال في مرافق المواصلات السلكية واللاسلكية أ وتوليد أو توصيل التيار الكهربائي أو المياه أو الصرف الصحي التي تنشئها الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو وحدات القطاع العام ، أو المرخص في إنشائها لمنفعة عامة.

وتابعت: هناك عدة إجراءات قانونية تتخذها شركة مياه الشرب ضد سارق المياه ، فتوجه إنذار إلى صاحب الوحدة السكنية برفع العداد وتعطيه مهلة 6 أشهر لتوفيق الأوضاع وتسديد الغرامات، وإذا تأخر المواطن عند تسديدها يتم رفع العداد، موضحة عدم قدرة المواطن على تركيب عداد جديد إلا بعد تسديد القيمة المديونية القديمة مع قيمة تركيب عداد جديد.

ولم تكن حالة "عبدالله" الوحيدة التي حررت ضدها شركة مياه الشرب محضر سرقة مياه، فقامت الشركة في مارس 2018، بتحرير محضر سرقة مياه الشرب ضد كريمة عبدالحميد من مدينة ببا.

وحسب المحضر، تم اتهام "كريمة" بتوصيل المياه إلى منزلها خلسة دون الحصول على ترخيص، ما ألحق خسائر بالشركة وضياع أموالها وتسبب في إتلاف الشبكة العمومية لمياه الشرب وشيوع تلك السرقات، وتم تقدير قيمة المياه التي استهلكتها صاحبة المنزل بـ8000 جنيه، قامت بسدادهم حتى تم تركيب عداد مياه جديد.

يبلغ استهلاك مصر من المياه 114 مليار متر مكعب، وتبلغ الحصة الخاصة بالشرب والري 80 مليار متر مكعب فقط، حسب تصريحات وزير الري الحالي.

وارتفع استهلاك مياه الشرب 10 سنوات 4 مليارات متر مكعب، موضحًا أنه فى عام 2006 كانت استخدامات مياه الشرب 6.4 مليار متر مكعب، وفى 2015 بلغت 10.6 مليار، وفى 2016 سجلت 10.75، وبلغت الآن 30 مليون متر مكعب .