سليمان شفيق
تري ما هو الوضع في مدينتي تل أبيض وراس العين في سوريا بعد انسحاب القوات الأمريكية منها؟ وما التبعات المحتملة على قوات سوريا الديمقراطية في حال تنفيذ أنقرة تهديدها وقامت بهجوم بري شرق الفرات؟ وما سيكون عندها مصير آلاف المقاتلين من تنظيم "الدولة الإسلامية" المعتقلين حاليا في مناطق الإدارة الذاتية؟
تثار تلك التساؤلات وتركيا حشد قواتها على الحدود السورية منذ اول أمس الثلاثاء استعدادا لشن عملية عسكرية "وشيكة" تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا. وردا على التحرك التركي، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية أمس الأربعاء "النفير العام" على مدى ثلاثة أيام للتصدي للتهديدات التركية. من جهته، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن سحب قواته من سوريا لا يعني التخلي عن الأكراد، فيما أبلغت طهران أنقرة بمعارضتها لأي تحرك عسكري تركي في الداخل السوري.
وفي السياق ذاته، أرسلت تركيا مركبات مدرعة جديدة إلى حدودها مع سوريا مساء الثلاثاء، وشوهدت قافلة قرب بلدة أقجة قلعة في محافظة شانلي أورفا التركية.
كما أكدت وكالة الأناضول الحكومية نقل معدات للبناء ضمن هذه القافلة المتّجهة إلى الحدود لتعزيز الوحدات العسكرية، وجاء في تغريدة لوزارة الدفاع التركية "استُكملت جميع التحضيرات لتنفيذ عملية".
من جهته قال مدير الاتصالات بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون الأربعاء إن الجيش التركي سيعبر مع الجيش السوري الحر الحدود مع سوريا "بعد قليل"، وذلك مع بدء تركيا عملية عسكرية بالمنطقة.
وقال ألتون على تويتر في ساعة مبكرة أمس الأربعاء إن على المقاتلين الأكراد هناك أن يحولوا ولاءاتهم وإلا اضطرت تركيا "لمنعهم من تعطيل" مساعيها في التصدي لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية".
الأكراد يعلنون النفير العام
وردا على التحرك العسكري التركي، أعلنت الإدارة الذاتية الكرية الأربعاء "النفير العام" على مدى ثلاثة أيام في مناطق سيطرتها في شمال وشمال شرق سوريا.
وأوردت الإدارة الذاتية في بيان "مع تصاعد وتيرة التهديدات وتحشد الجيش التركي نعلن حالة النفير العام لمدة ثلاثة أيام على مستوى شمال وشرق سوريا".
ودعت "كافة إداراتنا ومؤسساتنا وشعبنا بكل مكوناته للتوجه إلى المنطقة الحدودية المحاذية لتركيا للقيام بواجبهم الأخلاقي وإبداء المقاومة في هذه اللحظات التاريخية الحساسة".
وحثت الإدارة الذاتية "كافة أبناء شعبنا" على "القيام بالاحتجاجات والاعتصامات في كافة أماكن تواجدهم" حول العالم، محملة "الأمم المتحدة.. وكافة الدول والمؤسسات صاحبة القرار والتأثير في الشأن السوري كامل المسؤولية الأخلاقية والوجدانية عن أي كارثة إنسانية تلحق بشعبنا في شمال وشرق سوريا.
ترامب يهدد أنقرة ويؤكد عدم تخليه عن الأكراد
وسحبت الولايات المتحدة بين 50 ومئة جنديّ من أفراد القوّات الخاصّة من الحدود الشمالية الاثنين الماضي ، حيث كان دورهم يقتصر على منع هجوم خطط الجيش التركي له منذ فترة طويلة ضد المقاتلين الأكراد في سوريا.
وأثارت خطوة ترامب المفاجئة انتقادات واسعة من كبار الجمهوريين، إذ اعتُبرت بمثابة تخلٍ عن القوات الكردية التي كانت حليفا رئيسيا لواشنطن في معركتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
لكن بدا ترامب وكأنه عدل موقفه في وقت لاحق الاثنين، فهدد عبر تويتر بـ"القضاء" على الاقتصاد التركي إذا قامت أنقرة بأي أمر يعتبره غير مناسب.
وقال "أبلغت تركيا أنها إذا قامت بأي أمر يتجاوز ما نعتبره إنسانيا فسيواجهون اقتصادا مدمرا بالكامل".
وكتب ترامب في تغريدة على تويتر، "قد نكون في طور مغادرة سوريا، لكننا لم نتخل بأي شكل من الأشكال عن الأكراد الذين هم أشخاص مميزون ومقاتلون رائعون"، مشددا في الوقت نفسه على أن واشنطن لديها علاقة مهمة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والشريك التجاري.
ورد نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي على تهديد ترامب الثلاثاء، محذرا من أن "تركيا ليست دولة تتحرك بناء على التهديدات".
إيران تعارض اي تحرك عسكري في الداخل السوري
وأكدت إيران، الداعم الأبرز للحكومة السورية اول امس الثلاثاء معارضتها لأي تحرك عسكري تركي.
وفي اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن إيران "تعارض العملية العسكرية" ودعا إلى "احترام وحدة أراضي سوريا وسيادتها الوطنية".
وتطالب أنقرة بـ"منطقة آمنة" على الحدود مع شمال سوريا تفصل مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد عن الحدود التركية وتسمح بعودة نحو 3,6 ملايين لاجئ سوري فروا من الحرب الأهلية المستمرة منذ ثماني سنوات.
وتثير العملية التركية المخاوف من احتمال فرار نحو 10 آلاف مقاتل من تنظيم "الدولة الإسلامية" تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية حاليًا في حال اضطر مقاتلو المجموعة لمواجهة الجيش التركي. وبين هؤلاء، نحو ألفي عنصر من "المقاتلين الأجانب".
وهكذا لاتبالي تركيا بتحذيرات ترامب ولا توعد ايران ولا نصائح روسيا وتتجة قواتها نحو المنطقة العازلة وسط صمت عربي ودولي .