استهل الأب سكيناً من طيات ملابسه، وضع رقبة طفله تحت ذراعه كرهينة، وهدّد والدته إما بالتوقيع على إيصالات أمانة على بياض أو قتل الطفل، الذى يظل يبكى بين يدى والده حتى انفطر من البكاء. منذ أن اكتشفت الأم أن الأب زوَّر عقد الزواج، واندلعت المشاكل بينهما، هو يضغط، وهى تواجهه، لكن فى المرة الأخيرة، التى وضع فيها رقبة طفله تحت السكين، وقّعت مرغمة حتى تُنقذ حياة صغيرها.
شجارات تصل إلى حد التشابك بالأيدى والسلاح الأبيض، بين نسمة فوزى، 33 عاماً، وزوجها، كانت على مسمع ومرأى من الطفل «زياد»، 4 سنوات، تربى عليها منذ كان عمره عاماً ونصف العام، حتى صار جزءاً منها، فوالده حوّله من متفرّج إلى أحد أطراف الصراع، ليمثل وسيلة ضغط على الزوجة، التى يحاول قهرها بشتى الطرق: «حبسنى فى البيت أنا والولد الصغير، وكسرت الباب بمساعدة الجيران، وحررت محضراً ضده فى قسم الشرطة».
يحلم «زياد» بطفولة هادئة وحنان من والديه، لكنه اصطدم بالصراع القائم، الذى وصل إلى محكمة الأسرة، حيث رفعت الأم دعوى خُلع، متنازلة عن جميع حقوقها، فى سبيل توفير حياة آمنة للصغير: «ابنى مش عارف يعيش حياته بشكل طبيعى، أبوه هدده بالحرق، ووبخه كتير، لحد ما زرع الرعب جواه، وبَعَت بلطجية لخطفه، الولد أصلاً مرعوب من مشاهد ضرب أبوه ليا، لدرجة إنه فى مرة كان كاتم نفسى، الولد فضل يصرخ وعضه علشان يسيبنى».
تستغيث «نسمة» لإنقاذ طفلها من العنف الذى يُمارَس ضده من والده، والذى حرمه من دخول الحضانة، إضافة إلى حرمانه من الخروج والتنزه.
«لا مش عايز أتلسع بالشمعة»، كلمات عرفت طريقها إلى لسان «زياد»، لتبكى الأم على حالة الهلع التى يعيشها صغيرها، وجعلته لا يحب والده، ويخشى أن يغادر حضن أمه: «إحنا اعتبرناه مات»، تحكى السيدة الثلاثينية أن طفلها تعرّض لعنف نفسى وجسدى، جعله يفقد توازنه ويتأثر سلباً، نتيجة كل ما تعرّض له: «أبوه بيقول له لو ماسمعتش كلامى هاحرقك»، عام ونصف العام فى محاكم الأسرة تبحث السيدة عن الأمان لطفلها، مؤكدة أنها لم تعد تستطع الخروج من البيت، خوفاً على صغيرها، تحكى أن والد طفلها ادّعى الجنون ودخل المصحة بعد رفع السكين على الولد وبعدها خرج يمارس العنف ضدهما مرة أخرى: «دماغه توزن بلد، وابنى مش عارف يعيش طفولته».
تحليل نفسى: الطفل عرضة للاكتئاب والتبول اللاإرادى
علق الدكتور فادى صفوت، طبيب نفسى، على حالة الطفل «زياد»، مؤكداً أن كل ما تعرض له الصغير فى سن مبكرة سيؤدى إلى إصابته بأمراض نفسية جسيمة مثل الاكتئاب والقلق المزمن والتبول اللاإرادى، إضافة إلى أنه سيكون الأكثر عُرضة للإدمان فى كبره، بجانب فقدان الثقة فيمن حوله وشعوره الدائم بالقلق: «أسلوبه كمان هيكون عنيف جداً».
ولفت «صفوت» إلى حدوث تشوه لصورة الأب لدى «زياد»، وقوله بأنه يعتبر والده مات دليل على أن وجوده أصبح مثل عدمه، لكن يظل الصراع قائماً بداخله بحثاً عن الصورة الحقيقية للأب الذى يراه فى أعين الآخرين لكنه حُرم منه.