الأقباط متحدون | مصائرنا بين اللصوص والأعداء
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٣٧ | الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ | ١ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٣٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

مصائرنا بين اللصوص والأعداء

بقلم: عصام عبد الخالق | الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ - ١٢: ٠٨ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 جددت مرافعة النيابة في محاكمة مبارك وأعوانه أحزاننا‏,‏ ونكأت جراحا لم تندمل‏.‏ كيف واتتهم الوقاحة والجبروت لكي يستبيحوا حرمات الشعب وينهبوا ثرواته ويهدروا كرامته ويقتلوا خيرة أبنائه‏.‏


منذ سنوات قرأت رواية ليون الإفريقي للمبدع اللبناني أيميل معلوف, طمست السنون والهموم معظم معالمها من ذاكرتي إلا جملة واحدة أتذكرها دائما ويدهشني توصيفها الدقيق للحالة المصرية خلال النظام البائد. يقول معلوف هذه مدينة يحكمها أعداؤها ويحرسها اللصوص.


كان يتحدث عن إحدي المدن الأندلسية إبان تحلل الدولة الإسلامية. لم يدر بخلده عندما أصدر روايته بعد اقل من4 سنوات من تولي مبارك السلطة أن حال مدينته البائسة هو نفسه ما سيصير إليه الحال في مصر. في قصتنا الواقعية مآس أكثر مما شاهده ليون في سفراته. دولة ينكل بها حكامها بأشد ما يفعل الأعداء. ويتولي اللصوص أمور المال والتجارة والأعمال. لم تقل مرافعة النيابة غير هذه الحقيقة. ثم طالبت بالقصاص العادل من الاثنين, اللصوص والأعداء, فلا فرق بين السلطان وأعوانه. هذا ما تعلمناه من مبدع عربي آخر هو الجزائري الطاهر وطار. يستهل صاحبنا قصته الحوات والقصر بحوار بين الحواتين, أي صيادي الأسماك, احدهم يخبر الآخرين بأنها كانت ليلة ليلاء علي جلالته. تعرض فيها لأقصي الأهوال التي يمكن أن يتعرض لها سلطان. ويضيف بعد أن قاطعه احدهم بان جلالته كان محظوظا لا احد يعلم حتي تظهر النتائج. ويصيح احدهم بعضهم يقول اللصوص وبعضهم يقول الأعداء. يرد آخر مستنكرا وما الفرق بين الاثنين العبرة فيما يريدونه. يلتقط الحوات الأول طرف الخيط قائلا اللصوص يريدون المجوهرات والثمائن أما الأعداء فيريدون السلطان نفسه, يريدون القضاء علي جلالته لإبداله بآخر أو لتغير النظام, وربما لإلحاق الرعايا والسلطنة بسلطان أجنبي. ما أعظم حكمة هذا الطاهر الجزائري هو أيضا مثل معلوف يأخذ بأيدنا إلي الحقيقة علي مهل. في قصتنا لدينا اللصوص الذين سلبوا الثمائن خلال ثلاثين عاما. ولكن جلالته بقي يحكم دون أن يحاول الأعداء القضاء عليه. فقد تكفل بأسوأ ما كان يمكن أن يفعلوه بنا وفينا. غير أن إعلام جلالته ظل طيلة هذه السنوات يردد ما حذر منه حوات الطاهر هناك أعداء يريدون القضاء علي السلطان وتغيير النظام. ورغم أن الشعب وليس الأعداء هو من اسقط النظام في النهاية, إلا أن مدمني السلطة وحوارييها يصفعون عقولنا من وقت لأخر بتحذيرات مشابهة من إسقاط النظام.


بقي لدي سؤال: لماذا فعل مبارك بنا كل هذا؟ لماذا يكره هذا الرجل الشعب المصري لهذا الحد؟ لم أجد الإجابة هذه المرة في إبداعات الروائيين ولكني عثرت علي ضآلتي في تحليلات الأطباء النفسيين. احدهم هو الدكتور خليل فاضل. علي موقعه الالكتروني وجدت مقالة له بعنوان سيكولوجية الديكتاتور يشخص فيها مرض الطغاة بأنه نوع من اضطراب الشخصية السيكوباتي. هم عادة يسرقون دون اكتراث ويتركون دولهم خاوية الخزانة والقيم والأخلاق. ويستمتعون بشعوبهم في جهل وفقر ومرض


نزار إذن كان احكم من كل المبدعين والعلماء. فقد اكتشف هذه الحقائق وقدم تشخيصه مبكرا في قصيدته السياف العربي التي أهداها لحكامنا:
أيها الناس لقد أصبحت سلطانا عليكم.
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال, واعبدوني.
وأدرك نزار أيضا النرجسية الخبيثة التي تحدث عنها الدكتور فاضل:
أنا الأول والأعدل, والأجمل من بين جميع الحاكمين.
وأنا بدر الدجي, وبياض الياسمين.
وأنا مخترع المشنقة الأولي, وخير المرسلين.
وعندما أتساءل لماذا يتشبث الديكتاتور بمقعده يجيبني نزار:
كلما فكرت أن أعتزل السلطة, ينهاني ضميري.
من تري يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفي بعدي الأعرج, والأبرص, والأعمي. ومن يحيي عظام الميتين؟ من تري يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من تري يرسل للناس المطر؟ من تري يجلدهم تسعين جلدة؟
من تري يصلبهم فوق الشجر؟ من تري يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟ ويموتوا كالبقر؟ كلما فكرت أن أتركهم. فاضت دموعي كغمامة. وتوكلت علي الله. وقررت أن أركب الشعب. من الآن, إلي يوم القيامة.
نقلاً عن الأهرام




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :