كتب – ايهاب رشدى
يقولون أن الشوارع ليست طرقات تدب فيها الأقدام ، بل هى شخوص تحمل أرواحا وعقول ، وعن الشوارع كتب صلاح جاهين يقول " الشوارع حواديت .. حواداية الحب فيها.. و حواداية عفاريت" . وشارع النبى دانيال ومسجده الشهير بالاسكندرية له حواديت وأسرار كثيرة لازالت مكتومة فى صفحات الزمان ، لا يريد المكان حتى الآن أن يفصح عنها ، فهو شارع تجد روحه تتعبد عند أعتاب مسجدى النبى دانيال وسيدى عبد الرازق من ناحية ، وعند الكنيسة المرقسية ، أقدم كنائس مصر وإفريقيا ، ومعبد " الياهو حنابى " اليهودى من ناحية اخرى ، أما عقله فتجده عند أكشاك الكتب فى وسط الشارع ، وعند مكتبة الأهرام العريقة والمركز الثقافى الفرنسى .
وإذا كانت هناك حواداية للعفاريت فى كل شارع كما يقول جاهين ، فسوف تجدها فى حكاية " ميرفت " التى وقعت أحداثها فى ستينيات القرن الماضى ، والتى يرويها أهالى الاسكندرية لأبنائهم وأحفادهم عن شارع النبى دانيال .
كانت ميرفت تسير مع خطيبها وعند تقاطع النبى دانيال مع شارع فؤاد ، التفت الخطيب فلم يجد ميرفت بجواره ، قالوا انشفت الأرض وابتلعتها ، وجاءت فرق الإنقاذ تحفر فى الأرض التى تشقها السراديب والطرق السفلية ، وفسر البعض ما حدث بأنه هبوط حدث فى الأرض ، فالاسكندرية مدينة قديمة سكنها الرومان واليونانيين وهناك طبقات أرضية أخرى عاش عليها من سبقونا ، وراحت ميرفت وبقيت حدوتة شارع السراديب و ظل الناس وقتا يخشون السير فيه .
ويعد النبى دانيال أحد أهم شوارع المدينة العتيقة لذا فقد ارتبطت فكرة البحث عن قبر الإسكندر الأكبر بهذا الشارع والذى يقال ان به سراديب طويلة تمتد تحت الأرض حتى تصل إلى البحر ، وفى مسجد النبى دانيال كانت هناك حفريات امتدت لعمق 15 مترا تحت مستوى المسجد ، ثم توقفت لأنها لم تصل إلى شئ .
وتطالعنا الأخبار كل عدة سنوات عن اكتشاف سرداب أثرى فى هذه المنطقة أوفى هذا الشارع بالتحديد ، ففى عام 2010 كانت هناك أعمال تنقيب لبعثة أثرية علمية تابعة للمجلس الأعلى للآثار فى «سرداب» مجاور لمسجد سيدى عبدالرازق المقابل لمسجد النبى دانيال ، بناء على طلب من مواطن كان يريد البناء فى بقعة مجاروة لمسجد سيدى عبد الرازق ، وذلك للتأكد من وجود آثار فى تلك المنطقة .
أما مسجد النبى دانيال فلم تتفق الروايات حول سبب تسميته بهذا الإسم حيث يقول البعض أن النبى دانيال هو النبى اليهودى الذى تحمل التوارة سفرا كاملا باسمه ، ولكن التاريخ يؤكد أن النبى دانيال قد مات قبل تأسيس مدينة الاسكندرية بعدة قرون ، وأنه لا يمكن الربط بينه وبين المسجد الذى يحمل اسمه .
وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات فان مسجد النبى دانيال يعد أحد الآثار الاسلامية بالاسكندرية ، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة مقسمة إلى ثمانية أروقة تفصلها عن بعضها سبعة أعمدة رخامية وتؤكد الهيئة ان هذا المسجد ينسب إلى الشيخ محمد دانيال الموصلي أحد شيوخ المذهب الشافعي الذى قدم إلى الإسكندرية فى نهاية القرن الثامن الهجري واتخذ منها مكانا لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية وظل بالإسكندرية حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد وأصبح ضريحه مزارا للناس .
ولكن اللوحة القديمة التى توجد على الضريح أو المقام الموجود أسفل المسجد ربما تتنافى مع ما ذكرته الهيئة العامة للاستعلامات حيث كتب عليها " هذا مقام نبى الله دانيال والحكيم لقمان " ، ومن المعروف أن الشيوخ والعارفين بالله لا يطلق عليهم أنبياء الله !! فمن هو إذن الذى يرقد فى هذا المكان ؟
ولكى تصل إلى مقامى النبى دانيال والحكيم لقمان بحسب ما تشير اليه اللوحة القديمة فانك تتجه إلى الناحية الشمالية الشرقية للمسجد حيث تجد فتحة كبيرة فى أرضية المكان تهبط بك عبر درجات سلم خشبى إلى عمق حوالى ثلاثة امتار أسفل أرضية المسجد ، وهناك يوجد أحد السراديب القديمة لشارع النبى دانيال ، أما الضريحين فتذكر الهيئة العامة للاستعلامات أن أحدهما للشيخ محمد دانيال الموصلي أو كما هو معتقد النبي دانيال والأخرى تضم قبر يعرف باسم "لقمان الحكيم " وإن كانت المصادر التاريخية لم تتناول صحة أو خطأ هذه التسمية .
ومن ناحية الحائط للسرداب توجد فتحة عميقة تصل إلى 15 مترا تحت مستوى الأرض وهى شاهدة على الحفريات التى قامت بها إحدى البعثات للوصول إلى قبر الاسكندر الأكبر ، والتى توقفت حيث لم تصل لنتيجة .