في مثل هذا اليوم 27 سبتمبر1990م..
أحمد بن بلّة (25 ديسمبر 1916 -11 أبريل 2012)، أول رؤساء الجزائر بعد الاستقلال، من 15 أكتوبر 1963 إلى 19 يونيو 1965. ناضل من أجل استقلال البلاد عن الاحتلال الفرنسي، وشارك في تأسيس جبهة التحرير الوطني في عام 1954 واندلاع الثورة التحريرية. فاعتبر «رمزاً وقائدا لثورة أول نوفمبر... وزعيمها الروحي». وبعد الاستقلال أصبح أول رئيس للجزائر المستقلة حتى انقلب عليه وزير الدفاع هواري بومدين.
كان بن بلة رجلاً ثوريا، مناضلا وسياسياً ومدافعا عن حقوق الإنسان. يصنف كعروبي وداعم للقضايا العربية وضمن دعاة وحدة المغرب العربي. يصفه أحد المؤرخين بأنه شخصية كبيرة ومبتسمة وبشوشة وغير ملتزمة كثيراً بالبروتوكولات. الجالس معه يحس بالراحة لبساطته وإشعاره لغيره بأنه يوافقهم الرأي أو متفهم لمواقفهم وكأنه في مكانهم. لكن عند التعارض معه من دون طريقة سلمية لفض المشكلة، فإنه قد يتحول لشخص شرس وفظ.
ومثلما جلبت له أدواره إعجاب البعض من الناس، فقد نال أيضاً من سخط الآخرين. فالبعض عارض اتجاهه العروبي والإسلامي والاشتراكي والبعض حمله كل وزر فترة حكمه رغم أنه لم يكن صاحب القرار الوحيد.
عندما وصل الشاذلي بن جديد إلى السلطة، وضع بن بلة في 4 يوليو 1979في إقامة جبرية في مسيلة مسقط رأس زوجته. و1980 صدر عفو رئاسي عن أحمد بن بلة رغم معارضة البعض وعن بعض المعارضين الآخرين. وأطلق سراحه في 30 أكتوبر 1980 ومنح له راتب شهري يقدر ب 12 ألف دينار جزائري وفيلا في بولوغين بالجزائر العاصمة.لكنه ما لبث أن غادر الجزائر في شهر نوفمبر من نفس السنة ليعود مجددا للعمل السياسي.
بعد إطلاق سراحه غادر بن بلة الجزائر متجهاً إلى باريس. ورغم سنين سجنه إلا أنه بقي دائما ناشطا سياسيا. ومافتئ أن أسس حزبا سياسيا معارضا هو «الحركة من أجل الديموقراطية» سنة 1984 إيمانا منه بضرورة مواصلة الكفاح من أجل تعددية ديمقراطية في الجزائر.
وفي سنة 1981، أصبح رئيسا للجنة الإسلامية الدولية لحقوق الإنسان. تصالح بن بلة مع أيت أحمد في المنفى سنة 1985، وطالبا بإصلاحات دستورية لضمان الحقوق السياسية في الجزائر
المعارضة:
أصدرت الحركة مجلتين هما البديل وبعده منبر أكتوبر تيمنا بانتفاضة أكتوبر الجزائرية سنة 1988. وشكل ذلك معارضة صريحة لنظام الشاذلي بن جديد وحزب جبهة التحرير الوطني (الذي كان من بين المؤسسين له) والأحادية السياسية، وكان يطالب بحياة سياسية تتسم بالديموقراطية واحترام حقوق الإنسان. لم تستسغ فرنسا نشاط بن بلة السياسي على أراضيها، فما كان منه إلى أن غادرها باتجاه لوزان في سويسرا تحت ضغط من السلطات الفرنسية.
عودته للجزائر:
شكلت الأزمة الاقتصادية والاحتقان السياسي الذان شهدتهما الجزائر في النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين، دوافع لانتفاضة شعبية لقبت بخريف الغضب انفجرت في 5 أكتوبر 1988. فما كان من نظام الرئيس الشاذلي بن جديد إلى الدفع بتغييرات عميقة لنظام الحكم، كفتح النشاط السياسي على تعددية الحزبية بمقتضى دستور 1989 والانتقال من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق.
في ظل هذا المناخ الجديد، عاد أحمد بن بلة إلى الجزائر بتاريخ 27 سبتمبر 1990 على متن باخرة أقلعت من إسبانيا وبرفقته مئات الشخصيات الجزائرية والعربية والأجنبية. في الجزائر، واصل معارضته للنظام الجزائري وأسس حركة من أجل الديموقراطية. وفي انتخابات 26 ديسمبر 1991 التشريعية التي الغيت لاحقا، لم يحقق حزب أحمد بن بلة أي نجاح يذكر أثناء. وعلى الرغم من ذلك فإنّ أحمد بن بلة اعترض على إلغائها وطالب بالعودة إلى المسار الانتخابي. كما اعتبر المجلس الأعلى للدولة (الذي تشكل بعد إلغاء الانتخابات ودفع الرئيس الشاذلي بن جديد للاستقالة) «سلطة غير شرعية»...!!