فاطمة ناعوت
حينما بدأ جيشُنا العظيمُ «العمليةَ الشاملة 2018»، كتبتُ مقالًا هنا بنافذتى فى جريدة «المصرى اليوم» عنوانه: «صهٍ.. الجيش المصرى يتكلّم!»، فالجيشُ إذا أطلقَ نفيرَه، على الجميع الصمتُ وإصاخة السمع. لأن نفيرَ الجيش لا يصدحُ إلا إن كان الأمرُ جللًا. وحين يتعلّق الأمرُ بسيناء الشريفة، فالأمرُ جَدُّ جلل وجدُّ خطير، فهى قلبُ مصر النابض بالقداسة، وبالوجع. سيناءُ بوابةُ مصرَ ومفتاحُها.
إن سقط المفتاحُ فى يد اللصوص، ضاعت مصرُ وضِعنا، كما ضاعت من حولنا بلدانٌ وشعوب. لذا أقسم الجيشُ المصرىُّ على استعادتها طاهرةً من الدنس، طيبةً من الإرهاب. جيشنُا العظيمُ الذى يُحارب الإرهاب نيابةً عن العالم كلّه، بحقّ. جيشُنا الذى يعتزُّ به كلُّ مواطن عربى شريف لأنه يعلم أن أمانَ مصرَ يعنى أمانَ العرب أجمعين، وسقوط مصرَ، الذى لن يسمح به اللهُ، يعنى تبدُّل خارطة الدنيا وانهيارَ العروبة كـ«فكرة» وكـ«كيان» وكـ«بشر».
واليومَ أكتبُ عن وجوب الصمتِ لأن مصرَ تتكلم، فأمام دهشة العالم، بدأت مصرُ تصنع معجزتَها الخاصة. راحت مصرُ تواجه الإرهابَ بيدٍ، وباليد الأخرى تبنى مصرَ جديدةً عصرية ساحرةً. معجزةٌ عصيّة لا يصنعها إلا ذوو البأس، ومصرُ دولةٌ عريقةٌ ذات بأس. كيف يمكن أن تهشَّ بعوضَ المجرمين عن جسدك، وتداوى جروحَك، وتنهضَ من كبوتك، وأنتَ تصنع مجدًا جديدًا، كلُّ ذلك فى آن؟! مصرُ تصنعُ تلك المعجزة. وطحنَت تلك المعجزةُ المصريةُ قلوبَ الحاقدين الكارهين أمنَها ووحدتها واستقرارها وإنماءها، فلم يدّخروا لحظةً من زمانهم للكيد لمصر وتحطيم معنويات المصريين وتشكيكهم فى غدٍ ينتظرونه. ولكن المصريين الحقيقيين لم يسقطوا فى أفخاخ أهل الشرّ، وأغمضوا عيونهم عن صرخات الحاقدين.
يعرفُ كلُّ مصرىّ شريف كيف دحر جيشنُا العظيم شياطين الإرهاب، فى سيناء، وأحكم السيطرة على مخازن الأسلحة والذخيرة والسيارات والدراجات النارية والطرق التى كانت تحت سيطرة الجماعات الدموية. وتستمرُ بسالات جيشنا حتى يكتمل التطهير الشامل لشمال ووسط سيناء ومناطق دلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل لإحكام السيطرة على المنافذ الحدودية للوطن العزيز من أجل تأمينى وتأمينك وتأمين كل مواطن مصرى مسالم. هنا يظهر المعدن الحقيقى للمواطن المصرى الشريف، بالوقوف فى ظهر وطنه ليُظهر إن كان يستحق لقب: «مصرى» أو لا يستحقه.
يعرف كلُّ مصرىّ ذكى قيمة جيشنا العظيم. ليس وحسب لدحره الإرهابيين فى معركة تلو معركة فى سيناء، وليس وحسب لحمايته مدن سيناء من السقوط وتحويلها إلى إمارة داعشية على غرار المدن التى نجح الدواعش فى إخضاعها وتحطيم بنيتها التحتية وتدمير آثارها وتشريد أهلها وقتل رجالها وأطفالها واغتصاب نسائها وبيعهن سبايا مُقيَّدات بالسلاسل والجنازير، ومنع ما كان ممكنًا أن ينالنا من ويل إن لم يُجْهِض جيش مصرَ مئات التفجيرات والحرائق التى كان مقررًا لها أن تُنفّذ منذ 3 يوليو 2013 وحتى اليوم، وإلى أجل غير مسمى. ويرى كلُّ مصرى شريف ما يُشيّدُ على أرضنا من مشروعات قومية عملاقة، سواءً فى جنبات مصر أو فى العاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى الأعداد الهائلة من الصوبات الزراعية، والمزارع السمكية، وشبكات نقل الكهرباء، وخطط تنمية قطاع البترول وحقول الغاز الطبيعى وتطوير شبكات الطرق والكبارى وتوسيع الرقع الزراعية، ومد شبكات الصرف الصحى حتى تصل جميعَ النجوع والقرى، وبناء عشرات المستشفيات الجديدة ومراكز علاج فيروس سى، وعلاج ملايين المصريين من ذلك المرض الشرس، بعد إجراء عملية مسح طبى شامل لجميع المواطنين فى حملة 100 مليون صحة، إضافة إلى حملات الكشف المبكر عن السرطانات، والبدء فى مشروع التأمين الصحى الشامل للمواطن المصرى. وفى موازاة لكل هذا الإنماء المشهود، وُلد مشروع «تكافل وكرامة» وزادت المعاشات الضمانية ومخصصات التموين للفرد لتشدّ على يد المعْدَمين والفقراء فى مصر وتحمى المُسنّين وتؤازر ذوى الاحتياجات الخاصة والمرأة المعيلة.
وفى ظلّ كلّ هذا التعافى من إنهاك الثورات، ومحاربة الإرهاب الأسود المتربّص لنا من كل صوب، وضخ الصحة فى جسد المواطن وانتزاع الأمراض الفكرية المتطرفة والخبائث المتوطّنة فى جسد الوطن، وفى ظلّ كل هذا الإنماء المجتمعى وإصلاح البنية التحتية وإقامة المشروعات العملاقة، تظلُّ الموسيقى تصدح من جنبات الأوبرات المصرية، وتظلُّ ستائر المسارح مفتوحة تحتضن الفن الراقى على خشباتِها وتستضيف عمالقة الفن العالمى، ويُشيَّدُ المتحفُ الكبيرُ الذى سيخطفُ أبصار الدنيا. وتظلُّ مصرُ مصرَ عصيةً على الانكسار، أفلا يستحى الجبناءُ من الحقد وبثّ السموم؟! اصمتوا لأن مصرَ تتكلّم.
أيها الجيش العظيم، نحن شعب مصرَ وراءك مع قواتنا الداخلية وجميع مؤسسات الدولة، فكلُّ مواطن مصرى «شريف» هو جندى فى الجيش المصرى فى سلاح اسمه: «الظهير الشعبى». تحيا مصرُ ويحيا شعبُها وقادتُها. «الدينُ لله، والوطنُ لمَن يحبُّ الوطن».
نقلا عن المصرى اليوم