مدحت بشاى
فى تفهم ورؤية صائبة للرئيس السيسى، قال: «ولما اتكلمنا وأطلقنا هنا فى مصر أهمية تصحيح الخطاب الدينى، لا بد أن تكون لدينا القدرة على أن نرى الواقع بشكل متجرد دون أى غرض لإطلاق الأمر ده، وتحمل تبعات ما نتكلم به فى مجال تصويب الخطاب الدينى كأحد أهم المطالب اللى إحنا بنرى فى مصر إننا محتاجينها، مش ممكن يكون مفردات وآليات وأفكار تم التعامل بها من ١٠٠٠ سنة، وكانت صالحة فى عصرها، ونقول إنها تبقى صالحة فى عصرنا، وبعد ٥٠ سنة هنبقى محتاجين كمان إننا نطورها بتطور المجتمعات».
حمدًا لله على ذلك التفهم وتلك الرؤية الرائعة، التى يؤكد عليها الرئيس، وها هو يُسمعها لكل الدنيا ويكررها، حتى ننسى أنه كان لدينا حاكم يردد: «أنا رئيس مسلم لدولة إسلامية» فى خلط مرضى متعصب لمفهوم «الدولة»، ومفهوم «الديانة»، وأنه كان ينبغى أن يُؤكد على أنه رئيس مصرى جاء وتولى منصبه كرئيس لكل المصريين، على الأقل للحفاظ على متانة التماسك الاجتماعى والإنسانى!!
نعم «التماسك الاجتماعى»، الذى أشار إلى ضرورة وجوده الرئيس الفرنسى السابق «فرانسوا أولاند» فى مؤتمر «الديمقراطية فى مواجهة الإرهاب»، وتأكيده أنه يجب علينا الكفاح جميعًا ضد التطرف والإرهاب، ولا بد من العمل على بناء «إسلام فرنسى»، وأضاف «أولاند»: أن الفرنسيين مع اختلاف دياناتهم والعرق واللون لهم حقوق وواجبات متساوية، ففرنسا لا تميز بين أبنائها، وهو سبب قوتها وفخر أبنائها بها.. وتابع: «النموذج الفرنسى مهدد، ونرى سباقًا لتفكيك النموذج الاجتماعى، وهنا يكمن الخطر لأن النموذج الاجتماعى لا بد أن يتم إصلاحه؛ ليكتمل ويتكيف مع التطلعات الفردية».. إنها إذن الأفكار الخطيرة وردود أفعالها فى كل أوروبا هى التى أخافت الرئيس الفرنسى السابق وجعلته يُطلق على الملأ تصريحه مخاطبًا أكثر من ٦ ملايين مسلم يعيشون فى فرنسا معلنًا تخوفه من تفكك النظام الاجتماعى على الطريقة الفرنسية عبر صراعه مع ما سماه «التطلعات الفردية»، وعليه يجب الكفاح للوصول إلى «إسلام فرنسى»، فهل نحن بتنا فى انتظار عالم لدول لها علم وجنسية ودين أيضًا مكتوب على اسم كل منها؟!
وبمناسبة «الإسلام الفرنسى» المختلف، فقد يبدو أن هناك أيضًا «مسيحية إفريقية» مختلفة.. أذكر أنه وبينما كنت أزاول عملى بإحدى مؤسسات دولة عربية عشت على أرضها سنوات، دخل مدير المؤسسة بصحبة زميل جديد ليقدمه لنا، وعرفت أنه قادم من دولة إفريقية، وقال إنه ترك زوجته الثانية وأولادها إلى حين التعرف على ظروف عمله الجديد، وعندما أبديت دهشتى لجمعه بين زوجتين وهو مسيحى الديانة، رد علىَّ وهو يلتهم الدجاج المحمر فى أيام صيام مسيحية: «مين قال إن المسيحية فيها تعاليم تمنع تعدد الزوجات، وتفرض مثل تلك الطقوس والعبادات التى تحدثنى عنها؟!».. وعندما أبديت دهشتى رد علىّ زميلى المصرى المسلم: «على فكرة، والمسلمين عندهم برضه مختلفين معانا فى بعض مفاهيمهم عن صحيح الدين.. هم لديهم إسلام ومسيحية تخصهم وحدهم..».. هى مسيحية واحدة.. وهو إسلام واحد، ولكنهم البشر فى كل الدنيا وعمايلهم، وكمان صار لدينا إسلام وسطى ومسيحية مستقيمة معتدلة.. واللى يعيش يشوف أكتر!!!.
نقلا عن المصرى اليوم