قال أحد وزراء الأتراك: «إذا فتحنا حدود الهجرة، فلن تبقى أى حكومة أوروبية فى مكانها أكثر من 6 أشهر»، فمنذ عام 2015 وفيضان الهجرة يدق على أبواب الدول الأوروبية ووصفه المحللون أنه تسونامى الذى سيفجر الاتحاد الأوروبى، خاصة بعد أن فتحت بعض الدول، مثل ألمانيا وفرنسا أبوابها على مصراعيها من أجل المهاجرين.
أربعة ملايين من المهاجرين، أغلبهم من سوريا بقوا فى تركيا وبلاد أخرى، مثل الأردن ولبنان، والتى طلبت مساعدة أوروبية قدرها 6 مليارات يورو، ولكن أردوغان رئيس تركيا أساساً يريد المزيد بدعوة أن كثيرين من السوريين يدخلون إلى تركيا بفعل المعارك الجارية فى إدلب فى سوريا ومهدداً أوروبا بفتح حدود للاجئين نحو أوروبا وفى نفس الوقت يطالب للمواطنين الأتراك بالتجوال فى الاتحاد الأوروبى دون فيزا رغم أن تركيا ليست فى الاتحاد الأوروبى، ولكن يبحث لمواطنيه عن امتيازات، كما يهدد بإرسال اللاجئين إلى اليونان، فجزيرة لسبوس استوعبت 15 ألف مهاجر، رغم الأماكن المتاحة 7500 مكان فقط، وها هم المهاجرون يصلون إلى جزيرة لسبوس اليونانية فى ليلة 29 أغسطس 2019. فقد رست 13 مركباً فى عدة ساعات قليلة بها 540 مهاجراً، إذاً تهديد تسونامى بنوعية 2015 حقيقة، وكما أن 3250 مهاجراً وصلوا فى خمسة عشر يوماً، فالجزر اليونانية وهى لسبوس وكابوس وساموس وليروس وكوس نقاط ساخنة للاتحاد الأوروبى، والتى وصل الاستيعاب إلى حدودها القصوى.
أوروبا لم تعد تعرف كيف تتصرف، وتعمل فقط فى إعادة توزيع المهاجرين على الدول الأوروبية المرحبة بذلك مثل الآتين من ليبيا من جهة إيطاليا ومن تركيا من جهة اليونان ومن المغرب من جهة إسبانيا. فأوروبا تتأرجح ما بين قبول المهاجرين انطلاقاً من التضامن الإنسانى معهم أو رفضهم على أساس أن الدول لا تستطيع أن تستوعب إلا سكانها الأصليين وهذا ما لمسناه من وزير الداخلية الإيطالى السابق ماتيو سالفينى ورفضه فتح الموانئ والحدود أمام المهاجرين وأوقف سيل المهاجرين إلى 80% وقد طالبت كثير من الأصوات خاصة اليمينية فى أوروبا بفرض عقوبات على الجمعيات الحقوقية والإنسانية التى تجلب المهاجرين، وتلتقطهم من وسط البحر، وتتعامل مع المهربين.
صرح أنطونيو جوتيريس، سكرتير عام الأمم المتحدة: «نحن نحتاج إلى طرق آمنة وقانونية من أجل المهاجرين واللاجئين، فكل مهاجر يصبو لحياة أفضل ويستحق الأمن والكرامة».
التعليمات الجديدة الأوروبية التى وضعها الطرف الأول المتضامن مع اللاجئين ستؤدى حتماً لوصول مهاجرين جدد يفوقون الاستيعاب. هذا ما يقوله اليمين الأوروبى. وتهدد بروكسل عاصمة أوروبا، حيث مقر الاتحاد الأوروبى، البلاد التى لا تسمح بتجميع العائلات وقبول اللاجئين أنها ستكون مطرودة من منطقة التشنغن، وتطالب الدول الرافضة المجر وبولندا وتشيكوسلوفاكيا بالخضوع لإرادة الاتحاد الأوروبى. وتتبادل الحكومات الاتهامات بين المتضامنة إنسانياً مع المهاجرين ضد مجموعات اليمين المتشدد الرافض لقدوم ناس جدد محللاً بأنهم يسببون الإرهاب ويخلّون بالنظام ويعيشون على المعونات بدلاً من العمل، ولا يتثقفون داخل المجتمع الجديد، ما أدى إلى غرق كثير من المهاجرين منذ 2014 حتى الآن يقال إن عددهم يقارب 15 ألف مهاجر.
ليس أمام أوروبا إلا أن تجد سياسة واحدة تجاه المهاجرين لها؛ فتشجيع الهجرة بهذا الفيض ليس حلاً، بل إنه يسبب كثيراً من الضحايا كما يفتح شهية كثير من الأفارقة والآسيويين والمُعدَمين فى بلادهم (من يعيشون تحت سقف الفقر).
بينما الحل الأمثل سيكون وقف الحرب فى سوريا بأى شكل وتشجيع المهاجرين على ألا يهاجروا والبقاء فى بلادهم، والعمل على رفع مستواهم الاجتماعى والتعليمى والصحى فى بلادهم أو البلاد المجاورة لبلادهم التى يلجأون إليها.
فأزمة المهاجرين لن تنتهى بهذه السهولة أو السرعة، بل ستتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية فى أوروبا، وستطال أيضاً بلاد البحر المتوسط. فنحن لسنا فى منأى عنها، وعلينا أن نعَى لعبة الابتزاز التركى.
نقلا عن المصري اليوم