هدى محمد بدران
أصبحت أقلل من حضورى للاجتماعات العامة لعوامل عدة، من أهمها خلوها من الأفكار الجديدة أو المناقشة الجادّة، ولكننى مازلت أهتم بحضور ما يتناول منها قضايا المرأة، وأبذل جهدًا حتى لا يفوتنى بعضها. جلست فى أحد هذه المؤتمرات، حيث قال أحد المتحدثين فى الجلسة الافتتاحية إن قضية المرأة لا تخصها وحدها، بل هى قضية المجتمع كله. وانبهرت الحاضرات والحاضرون بما قال وكأنهم لم يسمعوا مثل هذا الكلام والفكر من قبل. أعتذر لكِ يا «نوال»، فهذه إحدى مقولاتك المأثورة التى ترددينها منذ أكثر من 30 سنة، فلماذا لم يفهم كلامكِ، ولم ينبهر به أهل بلدكِ؟!. انبهر بكِ العالم الخارجى لمقولاتكِ وكتبكِ، وكرّمتكِ دول الغرب والشرق والجنوب والشمال ولم يكرمكِ بلدكِ حتى الآن. يبرر البعض هذا التجاهل والتقصير غير المقبول بأن آراء «نوال» غير مقبولة فى الشارع المصرى. وأعجب لهذا التبرير المتعصب الذى يعطى للشارع المصرى الذى تسيطر عليه السلفية حق المرجعية فى الحكم على أفكار نوال السعداوى. الشارع المصرى يستمع إلى مَن يفتى بأن الرجل له ضعف دية المرأة حسب الشرع، ويقبل الكثيرون مثل هذه الفتاوى ولكنهم لا يقبلون أفكار نوال السعداوى التى تنادى بالمساواة بين الجنسين، والتى ترى المرأة إنسانة كاملة الأهلية. وأنا لا أعتقد أن تكريم الدولة لنوال السعداوى يزيد من مكانتها أو من قدرها لأنها قد صنعت هذه المكانة لنفسها.
لنوال السعداوى الفضل فى إثارة قضايا كثيرة لا نزال نتصدى لها حتى الآن، من بينها قضية ختان الإناث، ولها الفضل فى توضيح العلاقة بين قضايا المرأة وقضايا التنمية، وهذه قضية نتحدث عنها ولكننا لا نتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيقها. عرفت «نوال» عن قرب، وأحترم فكرها المستنير وشجاعتها فى التمسك بالحق رغم ما قابلته من ضغوط واضطهاد، وصل إلى حد التكفير وإلى حد دخول السجن. لم تحاول التقرب من المسؤولين أو النفاق للوصول إلى منصب هى أحَقّ وأوْلَى الناس به.
أسفت حين سمعت مؤخرًا أنها أُصيبت بكسر فى العظام أخضعها لعملية جراحية كبيرة. ولكننى أسفت بشكل أشد حين قرأت لابنتها أنها لم تجد العناية اللازمة بمعهد ناصر، فخرجت لتلقى ما يلزمها من عناية بمنزلها. وكتبت ابنتها الدكتورة منى أن وزيرة الصحة وعدت بزيارتها أثناء وجودها بالمستشفى، ولكنها لم تَفِ بوعدها. نوال السعداوى ليست فى حاجة لزيارة من المسؤولين أو إلى اهتمامهم، فهناك الملايين من قراء «نوال»، خاصة الشباب، الذى تأثر واستنار بأفكارها. وأنا من هؤلاء الملايين من غير الشباب أدعو لها بالشفاء العاجل والصحة الدائمة.
نقلا عن المصرى اليوم