عن مؤسسة مجازالثقافية التي تسعي لتأصيل الفكر الانساني ونشر المعرفة والحرية واللاعنف
340 صفحة من القطع الكبير يضم خرائط وصور وشهادات .
سليمان شفيق
جراجوس قصة للاباء اليسوعيين كتاب جديد للاب وليم سيدهم، ويقول : في قريتى جراجوس عسي أن أكون عبرت باسمهم عن شكرنا العميق للرهبانية اليسوعية ماضيا وحاضراً، خاصة للآباء ديمونجلوفييه ودفنويل الذين رأوا ما لم يره آخرون أن الإيمان الحقيقي لا يستقيم إلا إذا اقترن “بالعدالة الاجتماعية و الثقافية و تحرير الفقراء من كل أنواع العبوديات".”
في قريتى جراجوس عسي أن أكون عبرت باسمهم عن شكرنا العميق للرهبانية، اليسوعية ماضيا وحاضراً، خاصة للآباء:
107 عاما علي تأسيس كنيسة العائلة المقدسة :
إحتفلت كنيسة العائلة المقدسة بجراجوس يوم 30 سبتمبر 2012 بمائة و خمسين عاما على تأسيسها، فقد أسسها الأب صموئيل دى أكاديا الفرنسيسكانى من أصل بولندى عام 1862 ، الكنيسة باسم القديس يوسف، وبعد وفاته عام 1882 افتتحت الإدارة الرسولية مدرسة لتعليم الصغار، وظلت المدرسة حتى 1895 مفتوحة، برعاية عائلة المعلم غالى التى استقبلت الآباء اليسوعيين عند قدومهم إلى مصرحينذاك ، وفي عام 1940 صارت مدرسة إبتدائية لخدمة أهل البلد، وفي عام 1946 استقر الأب ديمونجلوفييه في القرية ركز اهتمامه على تحديث المدرسة ، وايضا قاموا بتزويد الكنيسة بالحجاب الطقسي، وأنشأوا جرن المعمودية. ووضعوا فيها رفاة القديسة فارينا والقديس موريس.
و تعتبر الفترة التى قضاها الآباء اليسوعيون فيها درَّة الزمن الطويل، الذى استمر لأكثر من قرن ونصف لهذه الكنيسة المباركة، ولاشك ان البعث الروحى و الحضارى الذى بثه اليسوعيون في القرية إنطلاقا من هذه الكنيسة، البسيطة الفقيرة مصدرا لفخر الأبناء و عائلات جراجوس بمسيحييها ومسلميها، يكفى أن نذكر الدعوات الرهبانية والكهنوتية التى تأثرت بهذه الخبرة الحياتية لآباء العظام . حوالى خمس راهبات و ثلاثة رهبان و ثلاثة كهنة في هذه الفترة.
موقع جراجوس وملامحه:
تقع جراجوس على بُعد خمسة وعشرين كيلو متر شمال محافظة الأقصر، وعلى بُعد ثلاث ن كيلو متر جنوب محافظة قنا، وعلى بُعد خمسة كيلومترات من مركز قوص، تبلغ مساحة القرية حوالى 1625 فدانا، المزروع منها حوالى ألف فدان، يُزرع فيها قصب السكر والقطن و الذرة و القمح، ويبلغ عدد سكانها حوالى 25 ألف نسمة منهم 5 % مسيحيون، ويحد جراجوس من الشمال قرية الخرانقة، ومن الجنوب قرية الجمالية، ومن الشرق قرية شنهور، ومن الغرب قرية جزيرة مطيرة، وكل هذه القرى تابعة لمركز قوص.
تتكون القرية من سبعة نجوع هى : نجع عيت الله ، نجع الشبيرات، نجع الشواهين نجع الكتايتة، النجع القبلى، السليمات، نجع النزيلة، وجدير بالذكر أن علماء الريف الفرنسي الذين جاءوا مع الحملة الفرنسية كتبوا اسم القرية في كتاب وصف مصر1801.
وذلك في الجزء الثامن عشر صفحة 57 و في المربع السادس والثلاث ن على الجانب الأيمن. وقد أشاروا إليها بأسماء مختلفة مثل القراقوص.
قصة مغامرة روحية تنموية:
يحكى هذا الكتاب قصة مغامرة روحية تنموية قام بها الآباء اليسوعيون في مصر، وفي المقدمة منهم اسطفان ديمونجلوفييه والأب موريس دفنويل، بدأت الرواية في سبتمبر 1946 عندما وصل الأب اسطفان ديمونجلوفييه إلى قرية جراجوس ليستقر فيها، كانت القرية مثلها مثل آلاف القرى في ذلك الحين المهملة والمسيطر عليها ثلاثي المرض و الجهل و الفقر.
لقد تركت هذه الخبرة التى استمرت واحد و عشرين عاما آثاراً في قلوب و عقول الأطفال و الكبار لايزال يتردد صداها حتى اليوم بعد سبعين عاما من بداية هذه المغامرة، وبعد خمسين عاما من رحيل اليسوعيين وقد رافق اليسوعيين في هذه الرحلة الروحية التنموية بعض راهبات"نوتردام ديزابوتر" سيدة الرسل وراهبات" يسوع الُمصلح"، وقد رحلوا جميعا عن القرية مع الآباء اليسوعيين عام 1967 بقرار من الرئيس الإقليمى للرهبانية اليسوعية في الشرق الأوسط حينها الأب سامى خورى نظراً لإحتياج الرهبنة لهم، لِتسكينهم في أماكن أخرى.
الاب اسطفان ديمونجلوفييه:
هو مؤسس مشروع إنشاء قرية نموذجية في جراجوس ، ولد الأب اسطفان ديمونجلوفييه في 27 سبتمبر 1907 في سان مارسيل ليا أنّو في منطقة الأردين بفرنسا.
دخل الإبتداء عند الآباء اليسوعيين في بكفاية في لبنان، قام بعدها بتأدية خدمته العسكرية، عام 1933 أثناء دراسته الفلسفية، طلب منه الأب كريستوف دوبونفيل الخدمة في مصر،، و رسُم كاهنا في 13 مايو 1942 في ليون أثناء الحرب العالمي الثانية، ثم توجه إلى مدينة المنيا بمصر ، وعمل مع الأب هنرى عيروط في مدارس الصعيد ثم أذن له الرئيس الإقليمى للآباء اليسوعيين بالذهاب إلى قرية جراجوس، التى بدأ العمل فيها في سبتمبر 1946 ، وكانت توجد في القرية رعّية قبطية كاثوليكية قوامها مائتان و خمسون قبطيا كاثوليكيا. يوجد فيها مكان للكاهن، ومدرسة على علاقة بمدارس الأب هنرى عيروط.
التحديث الذى أدخله الأب ديمونجلوفييه على القرية:
لم يكُن اسطفان ديمونجلوفييه كاهنا تقليديا يكتفى بالقيام بواجباته الدينية من إقامة القداس وقبول الاعترافات والاحتفال بأعياد القديسين والأعياد الطقسية. لقد كان رسولاً من كبار المجددين والمحدثين جاء اسطفان بعد أن بحث واضطلع على أحوال الفلاحون والقرى منذ عام 1933 . فالتقى مع المهندس حسن فتحى، ومع المفكر ثروت عكاشة، والصحفي أحمد رجب والمهندس ويصا واصف، فنجده يضع خطة طموحة تنطلق من تصوره لكنيسة فقيرة ولكن مستنيرة تخرج إلى الواقع الاجتماعى و الاقتصادى المزرى للقرية، بدأ الفنان ديمونجلوفييه في إجراءات ترخيص المستوصف في عام 1950 ، وافتتح أبوابه في عام 1951. ثم شرع في بناء المدرسة على طراز حسن فتحى عام 1952 ، وانتهت عام 1953 ، بعدها قام بتحديث الكنيسة، عام 1952 مستبدلاً طرازها اللاتينى بالطراز القبطى، ثم بنى فوقها بيت للضيوف .
وفي عام 1955 كان مبنى ورشة الفخار اكتمل، وإلى جانبه مكان للمكتبة .
وفي العام نفسه إستدعى ديمونجلوفييه ابن أخيه روبير من فرنسا لتدريب أطفال القرية على الرسم و النحت والحفر. وبعد عام أحضر المهندس أندريه جاسير من سويسرا لتدريب الأطفال على تصنيع الخزف، واستعان أندريه ببعض الفخارين المحليين واستمر في القرية حوالى ستة أشهر،كما حضر في نفس العام الأب فيليب أكرمان، وكان فنانا ورساماً، وشارك في تكوين الشباب على الرسم، وأسس ورشة للسجاد إتخذت طابعا مغايراً لسجاد الحرانية وأخميم. وعام 1959 أحضر ديمونجلوفييه الفنانة إيفيلين بوريه، وكانت خريجة كلية الفنون التطبيقية من چنيف وظلت تدرب القرويين الصغار على كيفية استخدام الألوان، وطريقة استخدام الفرن الخاصة بحرق التماثيل والأوانى الفخارية.
حكاية جسر القسيس:
كان في القرية زراعات تعوق دخول قلب القرية للوصول إلى المدرس أوالمستوصف أوالعبور من مكان إلى آخر، لعدم وجود طرق ممهدة،ومن أجل ذلك قام الأب ديمونجلوفييه بزيارات مكثفة وحوارات مع الفلاحين من أصحاب الأراضي ليتنازل كل منهم عن جزء من أرضه لعمل جسر يربط القرية بالطريق الرئيسية وأصبح جزءاً من شبكة الطرق التى تخترق القرية.
ولازالت الرهبنة اليسوعية تعمل في القري والنجوع المنسية الاسماء علي طول الشط بحثا عن الحرية والعدالة الاجتماعية والثقافة والفن .