كتب : نادر شكرى
قال القس أندرية زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، إنني أشكرُ اللهَ على دولةِ مَا بَعدَ 30 يونيو والتي تسعَى إلى ترسيخِ المواطنةِ وتطويرِ المجتمعِ، وتضعُ تَطويرَ التعليمَ في مِصرْ ضِمنَ أولوياتِها وأضاف " زكي"، خلال كلمته في الاحتفال بمرور 25 عاما علي كلية رمسيس الجديدة، كما أشعرُ أيضًا بالامتنانِ لقادةِ الكنيسة الذين اهتمُّوا بالتعليمِ، بهدفِ خدمةِ الوطنْ ورِفعتِه.
وتابع: نحتفلُ أيضًا بتخريجِ دفعةٍ جديدةٍ منْ كليةِ رمسيس الجديدةْ، جيلٌ يُضافُ إلى سابقيه في خدمةِ المجتمعْ، مشيرا إلى اهتمامِ الكنيسةِ الإنجيليةِ بتعليمِ الإناثِ، والتي وكانتْ لها الريادةُ في هذا المجالِ، إيمانًا بأهميةِ المساواةِ على أساسِ النوعْ، منطلقةً من صعيدِ مصرْ، فأنشأتْ أولَ مدرسةٍ لتعليمِ البناتِ في الصعيدْ، في محافظةِ أسيوطْ عامَ 1865 (ألفٍ وثمانمائةٍ وخمسةٍ وستين)، ثم ظهرتْ مدارسُ أخرى لتعليمِ البناتِ منَ الإسكندريةِ إلى الأقصرْ مرورًا بصنبو وأسيوطْ وقنا، وكانَ من بينِ خرِّيجاتِها قياداتٌ كانَ لهَا أثرٌ عظيمٌ في وطنِنا.
وأكد أن اليوم أثمرتْ هذِه المسيرةُ الحافلةُ عنْ وجودِ 24 (أربعٍ وعشرينَ) مدرسةً، في مختلفِ محافظاتِ مِصرْ، بالإضافةِ إلى المعهدِ العالي للإدارةِ والسكرتاريةِ، وجميعُها تابعةٌ لسنودس النيلِ الإنجيليّ، التابعِ للطائفةِ الإنجيليةِ بمصرْ. وأن التعليمُ منْ أجلِ التحرُّر منَ المهمِّ أنْ نسعَى في منظومةِ التعليمِ إلى أنْ يكونَ التعليمُ تشاركيًّا، قائمًا على مشاركةِ كلٍّ منَ المعلمِ والمتعلِّمِ للوصولِ معًا إلى المعرفةِ، دونَ إقصاءِ أو إلغاءِ أحدِهِما للآخرْ، بل باحترامِ إنسانيةِ المتعلمِ وتقديرِ تجربتِهِ الحياتيةِ وخبراتِهِ المتنوعةْ، وأنْ يساهمَ التعليمُ في تحريرِ الإنسانِ منَ الجهلِ والخرافةِ والتطرفِ، كما يسعى إلى تمكينِ الإنسانِ من كسرِ دائرةِ الفقرْ، وحثِّه على التفكيرِ العلميّ في حلِّ مشكلاتِه، وتحفيزِ التفكيرِ النقديّ لديهْ. التعليمُ وقاطرةُ التجديدِ الثقافيّ والاجتماعيّ لا يمكنُ أن تكونَ هناك تغيراتٌ اجتماعيةٌ، ولا نهضةٌ ثقافيةٌ دونَ الاهتمامِ بالتعليمْ.
واشار : الثقافةُ كما وصفَها الأديبُ العالميُّ نجيب محفوظ: "ليست ترفًا روحيًّا يمكنُ تأجيلُه، لكنَّها المادةُ المكوَّنةُ منَ المعاني والمعارفِ التي تَصيغُ عقلَ الإنسانِ وسلوكَهُ، كمَا إنها تأتي في مقدمةِ القوى التي تبني الشخصيةَ الإنسانيةَ" وأن التعليمُ والثقافةُ عنصرانِ هامَّانِ في تكوينِ مجتمعٍ قويٍّ متماسكٍ، ولا تقومُ أمةٌ إلا من خلالِ مثقَّفِيها وتمتُّعِ شبابِها بقدرٍ منَ التعليمِ يمكِّنُه من التفاعلِ والتواصلِ معَ مكوِّناتِ المجتمعْ، للنهوضِ والتقدمِ وتحقيقِ الرخاءِ المجتمعيِّ، وتسهيلِ التفاعلِ بينَ أفرادِ المجتمعِ والحفاظِ على هُويَّةِ الوطنِ وثقافتِه، التعليمُ ومواجهةُ خطابِ الكراهيةْ تواجهُ مِنطَقَتُنا اليومَ خطرًا كبيرًا يتمثَّلُ في وجودِ خطابِ كراهيةٍ يعادِي الآخرَ ويزدَرِي بهِ، بل ويستبيحُه.
وأضاف: لَقَدْ عانتْ أوطانُنا كثيرًا من هذا الخطاب، مؤكدًا إنَّ مواجهةَ هذا الخطرِ ينبغي أنْ تكونَ مزدوجةً؛ مواجهةٌ أمنيةٌ بتطبيقِ القانونِ على كلِّ من يدعو للكراهيةِ ويحرِّضُ عليها، وهو ما تقومُ به قواتُنا المسلحةُ وأجهزتُنا الأمنيةُ بمهارةٍ.
ولفت إلي أن المواجهةُ الثانيةُ هي مواجهةُ الفكرِ، وهي تعتمدُ على عدةِ محاورْ أهمُّها التعليمْ. إذنْ هذهِ قضيةُ وجودْ واوضح أن التعليمُ قضيةُ وجودْ، لتَنشِئةِ أجيالٍ تستطيعُ أنْ تواجهَ خطاباتِ الكراهيةِ وتتبنَّى بدلًا منها قيمَ السِّلْمِ المجتمعيِّ وقبولِ الآخرِ، والأخلاقَ الرفيعةَ والساميةَ، ممَّا ينتجُ لنَا مجتمعًا سويًّا متعاونًا، يعملُ كلُّ منْ فيه على أرضيةٍ مُشتَرَكةٍ. التعليمُ والوحدةُ الوطنيةْ والوحدةُ الوطنيةُ المنشودةُ ليستْ هي الشكليةْ، وإنما هي النسيجُ المتينُ القادرُ على التحمُّلِ والصمودِ "Resilient Community" في وجهِ المتغيراتِ والتحدياتِ، والعملُ معًا من أجلِ أهدافٍ ومصالحَ مُشتَرَكةٍ. يلعبُ التعليمُ دورًا خطيرًا في هذهِ القضيةِ، ليسَ فقطْ من خلالِ المناهجِ، وإنما تطبيقُ ذلك بشكلٍ عمليٍّ، في مُختلفِ الأنشطةِ المدرسيةِ، حيث يخرجُ الشخصُ مؤمنًا بطبيعتِهِ بفكرةِ الوحدةِ الوطنيَّةْ.
ولفت إلي أن كليةُ رمسيس الجديدةْ كانتْ نقطةُ البداية لهذا الصرحِ التعليميّ، في عامِ 1994 (ألفٍ وتسعمائةٍ وأربعةٍ وتسعين)، على يدِ قيادَتَيْنِ بارِزَتَيْنِ في كنيسَتِنَا الإنجيليةِ: الدكتور القس صفوت البياضي، الرئيسُ الشرفيُّ للطائفةِ الإنجيليةِ والأمينُ العامُّ الأسبقُ للمؤسساتِ التعليميةِ، والراحلُ الأستاذُ الدكتورْ عماد رمزي أستاذُ الجيولوجيا بجامعةِ أسيوطْ ورئيسُ مجلسِ الإدارةِ الأسبقُ للمؤسساتِ التعليميةِ إذ كانتْ لديهما الرؤيةُ لإنشاءِ مدرسةٍ مُشتَرَكةٍ بمواصفاتٍ حديثةٍ، تُقدِّمُ خدمةً متميزةً لأبنائِها ولأولياءِ أمورِهِم.