ببساطة الكلمة لم تمر عليه من قبل!.
«مذيع راديو» يقرأ (الأبراج) وبكل فخر يقول لإحدى المستمعات «أصحاب هذا البرج من يتسمون بالاعتمادية»، فيفسر ويقول: «هايل يعنى انتى من النوع اللى بيعتمد على نفسه»!!. ببساطة المعنى لم يمر عليه من قبل!!.
«طالب فى كلية الإعلام» فى إحدى الجامعات الخاصة لا يستطيع كتابة خبر كامل باللغة العربية.. ولا يجيد سوى اللغة الإنجليزية!.
«طفل» فى الصف الخامس الابتدائى لا يقرأ ولا يكتب العربية وتتفاخر أسرته بذلك بل تشكو الأم من صعوبة الدراسة بالعربية وتقول فى فخر جاهل: «إحنا انترناشيونال ناخد عربى ليه أصلا»!!.
أرصد هنا نصف المأساة.. فهذا النصف يجيد الإنجليزية أكثر من العربية.. ولن أرصد هنا من لا يجيد كلتيهما فتلك قصة أخرى.. سؤالى عن من يجيدون الإنجليزية فقط أو هكذا يظنون.
الحقيقة أن لدينا أجيالا كاملة جديدة من الأميين الجدد.. أجيالا تتمتع بإنجليزى إلا ربع، وتتحدث العربية كتابة فقط. بل تكتب العربى بحروف لاتينية يعنى لا طلنا إنجليزى ولا عربى!!.
أنا من أشد أنصار أن يتقن المرء أكثر من لغة، بل أراها من بديهيات الثقافة وأنك لن تستطيع أن تقنعنى بأى شىء وأنت لم تطلع على نظيره عالميا، وأبسط طرق الاطلاع هى البحث عن المصادر الإنجليزية على الأقل.. وأن من لا يتقنون الإنجليزية على الأقل بجانب العربية سيحاربون بضعف المجهود ليصلوا لنصف نتائج من يتقن الاثنتين معا.
الأمر يتعدى فى خطورته مسألة اللغة الأم وخطورة عدم إتقانها وتأثير ذلك على مهارات تحصيل الطفل فى سنواته الأولى.. ويتعدى أزمة الهوية وعقدة الخواجة.. فتلك أمور تقع فى نطاق الهم العام الذى لا يشغل بال معظم الناس للأسف..!.
سأحدثك عن تأثير أن يكون لديك لغات أجنبية قوية ولا تتقن العربية:
كيف يعيش طفل فى مجتمع لا يعرف كيف يتعامل مع غالبية مواطنيه.. كيف يعيش شاب لا يقرأ ما يكتب فى صحافة بلده اليوم..؟.
نوع جديد من التغريب عن واقعنا وعن حالنا.. نوع من فقدان التواصل بين المجتمع وأفراده.. كيف تتوقع الثقة فى التعامل والعمل مع شخص لا يجيد كتابة إيميل أو رأى أو فكرة بلغته الأصلية!!.
يجاوبونك.. لا أريد أن أعمل فى السوق المصرية أصلا!!.
سأجاريك فى هذا الطرح.. حتى السوق العالمية مهما كان مستوى إتقانك للغة أخرى أنت (مصرى) يعنى من البديهى أن يكون متوقعا أن تتقن لغتك الأم!
وبالتالى سعرك فى سوق العمل يحدده عدد اللغات التى تتقنها قراءة وكتابة وتحدثا.. وهل من المعقول أن أتعلم لغة وأفقد أخرى؟!. تعلموا وأتقنوا لغتكم الأصلية.. اعتزوا بكل ما هو أصلى.. فلن يمكنك أبدا ادعاء التحضر.. بثقافة إلا ربع!!.. ولا ادعاء الثقافة.. بلغة إلا ربع!!.
نقلا عن المصرى اليوم