رغم أن قرار البنك المركزى بتخفيض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض كان متوقعا، خصوصا بعد التراجع الكبير الذى شهده معدل التضخم إلى نحو 7.8% (كان ارتفاع التضخم لأكثر من 35% المبرر الأساسي لقيام المركزي برفع سعر الفائدة)، إلا أن هذا التخفيض يختلف عن أى تخفيض سابق، لأسباب كثيرة، فهو يأتى بعد فترة طويلة من تثبيت السعر عند مستويات عالية منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادى وتعويم الجنيه.
كما أن هذا التخفيض سيكون له مردود كبير على الأسعار، لأنه سيحدث نقلة كبيرة في سعر التكلفة نحو التقليل، خصوصا فى قطاع العقارات مثلا، لأن القرار سيتيح للشركات العقارية والتطوير العقارى الحصول على قروض بأسعار فائدة منخفضة عن السابق، وبالتالى ستتوسع فى أعمالها، وستعود الشركات المتوقفة للعمل واستكمال مشروعاتها، مما سيزيد المعروض مقابل الطلب ثم تقل الأسعار بالتبعية.
وإذا علمنا أنه خلال الفترة الماضية، فقدت شريحة كبيرة من المواطنين القدرة على الاقتراض من البنوك، بسبب الفائدة العالية، حيث أصبحت قيمة المرتبات أو الدخول التى يتقاضونها من جهة عملهم لا تلبي النسبة المطلوبة من البنوك للموافقة على منح القرض، وهي أن تكون قيمة القسط للقرض المطلوب لا تتجاوز 35% من الراتب، وبالتالى لم يستطع الكثيرون الحصول على قروض لشراء سيارة مثلا، والسيارة هنا ليست السيارة الملاكى فقط، ولكن يمكن أن تكون سيارة نقل أو غيرها مما يستخدمها المواطنون كمصدر للرزق وليس للرفاهية.
الحالة السابقة تضرر منها عدد كبير، وشريحة واسعة من المواطنين، والشركات على حد سواء، فمعظم شركات السيارات سواء المنتجة أو الموزعة كانت تعتمد فى جانب كبير من مبيعاتها على نظام التقسيط، بالاتفاق بين العميل والشركة والبنك، ولذلك تراجعت معدلات المبيعات بشكل كبير خلال العام الماضي، لهذا السبب، بالإضافة إلى تأثير تعويم الجنيه على الأسعار، إذن، قرار تخفيض الفائدة سيعيد الفئة السابقة من المواطنين للسوق مرة أخرى وبالتالى سينتعش أداء الشركات مما يجعلها قادرة على توظيف عمال وموظفين جدد.
القطاع التجارى أيضا سيستفيد استفادة كبيرة من القرار لأن سعر الاقتراض بالنسبة للقروض التجارية سيشهد تراجعا، وبالتالى فإن القرار سينتج عنه حدوث رواج للحركة التجارية من خلال تقليل تكلفة الاقتراض مما سينعكس على أرباح التجار وبالتالى على أسعار المنتجات التى يتم بيعها.
أما البورصة فستكون أسرع المستفيدين، حيث سيصبح العائد على الاستثمار بها مجديا، بعد تخفيض الفائدة فى البنوك، وبالتالى سيوجه الكثير من المستثمرين الذين كانوا قد خرجوا منها سابقا لشراء شهادات البنوك مرتفعة العائد، إلى العودة لسوق المال مرة أخرى، وبالتالى ستشهد البورصة انتعاشة فى الفترة المقبلة بفعل القرار.
ولن تتوقف الإيجابيات على المواطنين فقط، بل إن الحكومة أيضا ستستفيد استفادة كبرى من قرار تخفيض سعر الفائدة، لأنه كلما قل سعر الفائدة، كلما قلت أعباء الديون على الحكومة، خصوصا فيما يتعلق بالاقتراض المحلي (بالجنيه)، حيث إن قرار البنك المركزى بخفض سعر الفائدة 1.5% يقلل فائدة الدين بنسبة كبيرة، لأن 1.5% يخفض فائدة الدين بنحو 52 مليار جنيه.
ولكل هذه الأسباب وغيرها يعتبر هذا القرار هو أفضل قرار اتخذه هيئة حكومية، من وجهة نظر المواطن العادي، خلال العامين الماضيين، رغم أن القرارات الخاصة بالبرنامج الاقتصادي كانت ضرورية ولابد منها، لذلك على المصريين أن يفرحوا لأن هذا القرار هو من ضمن ثمار نجاح البرنامج الاقتصادي المصرى.
وكان البنك المركزى المصرى، قد قال إن لجنة السياسة النقدية رصدت خلال اجتماعها الأخير التأثيرات الإيجابية لسياساتها النقدية وقراراتها فى إطار البرنامج المصرى للإصلاح الاقتصادى، قررت اللجنة تخفيض سعر العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بمقدار 1.5 % إلى 14.25% و15.25% و14.75% على الترتيب، وخفض سعر الائتمان والخصم إلى 14.75%.
نقلا عن اليوم السابع