عباس الطرابيلي
فى سلسلة مقالاتى- فى الأيام الماضية- تحت عنوان «وطنيون وخونة» لما تحدثت عن اغتيال بطرس باشا غالى فى فبراير 1910 وقعت فى خطأ.. إذ ذكرت أن القاتل هنا شاب مسيحى اسمه ناصف إبراهيم الوردانى- وكان طالباً بكلية الصيدلة، والخطأ هنا أن هذا الشاب الوطنى لم يكن مسيحياً.. بل هو مسلم الديانة.. وترتب على هذا الاغتيال فتنة نتج عنها عقد مؤتمر للمسيحيين فى مدينة أسيوط، ورد المسلمون بعقد مؤتمر مضاد فى الإسكندرية.
المهم جرفتنى الحياة والمقالات. ولكن طلاب الحقيقة تابعونى وطالبونى بتصحيح هذا الخطأ، ولهم كل الحق.. وكان أول المطالبين بالتصحيح السياسى الكبير والوزير السابق منير فخرى عبدالنور، وهو سليل أسرة مسيحية عريقة عملت بالسياسة، واشتهرت بالوطنية أباً عن جد.. وأيضاً الأعمام.. وأيضاً جاءنى اتصال تليفونى من المواطن إبراهيم جوهر جالوس، وهو من أبناء ميدان المستشفى فى حى شبرا، وأتبع هذا الاتصال برسالة مكتوبة صحح لى فيها ما وقعت فيه سهواً، ووعدته بالرد.
والحقيقة أن ناصف إبراهيم الوردانى ليس مسيحياً.. بل هو مسلم، وشاع وقتها أنه مسيحى حتى لا تحدث الفتنة لو كان القاتل مسلمًا.. ووقع فى هذه القضية كثير من الخطأ.. خصوصاً أن الإنجليز كانوا ينفذون سياستهم للوقيعة بين طرفى الأمة المصرية من مسلمين ومسيحيين.. ولكننى وقعت فى نفس اللبس وذكرت فى مقالى أن الوردانى كان مسيحياً.. وقد حدث اللبس، وهذا الخطأ بسبب حادث محاولة اغتيال أخرى بعدها بعدة سنوات.. إذ فى يوم 15 ديسمبر 1919 فى عز أحداث ثورة 19 كان يوسف وهبة باشا- وكان أيضاً مسيحياً وهو ثالث مسيحى يرأس حكومة مصر، أولهم الأرمنى نوبار باشا وثانيهم بطرس باشا غالى، كبير المسيحيين، وثالثهم يوسف وهبة باشا- فى ذلك اليوم ترصد الشاب المسيحى عريان يوسف سعد ليوسف وهبة، وهو يمر بسيارته بشارع عدلى، وألقى عليه قنبلتين ثم أخرج الشاب- وكان طالباً بكلية الطب- مسدساً وحاول إطلاقه على رئيس الوزراء ولكن تم القبض عليه فى إحدى حوارى عابدين وهو يحاول الهرب، وصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة، ثم أفرج عنه سعد زغلول عندما أصبح رئيساً للوزراء.. وكان مما قاله الشاب عريان أنه حاول ذلك حتى لا يقوم شاب مسلم بنفس المحاولة.. وتحدث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.
** وهذا هو اللبس- بل الخطأ- الذى وقعت فيه، ولكن يبقى أن العمل الوطنى- فى هذ الفترة العظيمة من تاريخ نضالنا- لم يكن يفرق بين مسلم ومسيحى.
وها أنا أصحح ما أخطأت فيه وعذرى للسياسى الصديق منير عبدالنور.. وأيضاً كامل اعتذارى للأستاذ إبراهيم جوهر جالوس، ابن شبرا.. وله الحق فى متابعتى، ولكن الحقيقة لا تموت.. ولا تعرف فاطمة!!.
نقلا عن المصرى اليوم