هل صار مترو الأنفاق مسجداً يجب على المرأة فيه أن تغطى شعرها بالطرحة احتراماً لهيئة السكك الحديدية وتعويضاً عن إلغاء أكشاك الفتاوى؟!، امرأة شابة وطفلة صغيرة والبقية فى الطريق، المقص يغتال الشعر والضفيرة والخصلات، مشهد يتكرر وبات مرعباً، تفر الملثمة حين يفتح باب المترو ومعها سلاحها الفتاك، المقص أو «الكتر»، تحول التوجس إلى خوف، والخوف إلى رعب، اللثام صار وسيلة تخفٍّ وطمس هوية وانتقام، والسؤال لماذا كل تلك الكراهية لشعر النساء؟، مقص وكَتَر ومشرط.. إلخ.. كله لاغتيال خصلات الشعر!! هل هذا التاج الجميل الذى يزيِّن رأس المرأة يمثل لكم استفزازاً؟ هل
لأن الشعر فاضح لثقافة كراهية الحياة والدفن فى الثياب السوداء فأنتم تحاربونه؟،هل هفهفة الشعر وتطاير خصلاته وتنفسه للجمال والبهجة يصدم جثثاً تتنفس فى أكفان متحركة؟!، أنتنَّ أحرار لكن فى بيوتكن، ترتدون ما تشاءون، لكن الشارع والمترو والمؤسسة والشركة والمستشفى والمدرسة... فضاء عام ملك للجميع، من حقى أن أعرف هوية الجالس بجانبى ومَن تمر فى الجهة المقابلة ومَن يقف فى المترو منتظراً محطته القادمة، وأرفض الرد
الجاهز الساذج الزائف المراوغ، يعنى انتم عايزين عريانين فى الشارع؟!!!، وكأن النقاب عكسه العُرى!!، نحن لا نتحدث عن الزى من حيث الحشمة أو عدمها، نحن نتحدث عن الزى من حيث هو طمس للهوية وليس استكمالاً لملامح تلك الهوية، فى بلد هو المستهدف رقم واحد من ضباع الإرهاب، اللثام فيه عبث وخصم من رصيد المواجهة الأمنية التى تعتمد على التوقع والمراقبة والحذر، وكلها أشياء مستحيل تحققها مع هذا الزى، بلد يمنع فيه زجاج الفيميه للسيارات فى المرور لأسباب أمنية ويسمح فيه بالنقاب فى كل المصالح الحكومية وغير الحكومية والأندية.. إلخ، ومسألة وضع أمن أو شرطة
نسائية لتفتيش المنتقبات هو مغالطة منطقية وقلب للحقائق، فلا ينفع أن تخلق وضعاً بلىّ الذراع ثم تطلب منِّى كمجتمع أن أتكيف على مقاسه!!، أطالب مثلاً بتوفير مسدس لكل مواطن بدون ترخيص ثم أقول وفروا أجهزة كشف مسدسات فى الشوارع والمصالح الحكومية حتى أتمتع بحرية حمل المسدس!!، هناك رقابة مختلفة عن الرقابة الشرطية، هناك الرقابة المجتمعية وهى غير متوفرة فى حالة النقاب، وحتى الرقابة الأمنية الشرطية من خلال الكاميرات التى وجدنا فيها الحل الأمثل لمقاومة الإرهاب واكتشافه، هى دون جدوى فى حالة النقاب، الملابس حرية شخصية لكن طمس الهوية ليس حرية شخصية.
نقلا عن الوطن