في مثل هذا اليوم 2 سبتمبر من عام 1192 عقد ريتشارد قلب الأسد معاهدة صلح مع صلاح الدين الأيوبي وذلك بعد معركة حطين وفتح القدس الذين فتحوا سببين رئيسيين لخروج الحملة الصليبية الثالثة حيث حث البابا غريغوري الثامن ملوك أوروبا على شن حملة صليبية جديدة لاستعادة بيت المقدس، وفشلت حملة فريدريش في الوصول إلى الشرق لطول المسافة وحلول الشتاء على الجيش المرتحل ومقاومة بعض أمراء المناطق التي مرت بها الحملة للجيش الغازي وقلة المؤن خاصة بعد امتناع إسحق الثاني إمبراطور الروم عن إمدادهم بالمؤن إضافة إلىغرق فريدريش بربروسا نفسه في أحد الأنهار بالقرب من أنطاكية والخلافات التي تبعت وفاته على من يخلفه وقد أثارت أنباء فشل حملة بربروسا الغبطة في المعسكر المسلم المدافع عن عكا.
لم تتوقف الحملة عند ذلك بل تصدى لتلك الحملة أيضًا ملكان من أكبر ملوك أوروبا في ذلك الوقت هما ريِتشارد الأول "قلب الأسد" ملك إنگلترا وفيليپ أغسطس ملك فرنسا اللذان مولاها بفرض ضريبة خاصة عُرفت بعشور صلاح الدين في إنجلترا وأجزاء من فرنسا وانضما إلى حصار عكا التي سقطت في عام 587 هـ الموافق لعام 1191م أمام القوات التي يقودها ريتشارد وأُعدم فيها ثلاثة آلاف سجين مسلم منهم نساء وأطفال.
رد صلاح الدين بقتل كل الفرنجة الذين أسرهم بين 28 أغسطس و10 سبتمبر وقد كتب بهاء الدين بن شداد "وبينما كنا هناك أحضروا اثنين من الفرنجة الذين تم أسرهم إلى السلطان صلاح الدين وعلى الفور أمر بقطع رؤوسهم وفي 15 شعبان سنة 587 هـ الموافق فيه 7 سبتمبر سنة 1191م اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين إلا أن الصليبيين لم يتمكنوا من التوغل في الداخل وبقوا على الساحل وبقيت الحرب سجال بين الفريقين وفشلت كل محاولات الفرنجة لغزو القدس.
لجأ الفريقان بعد ذلك إلى الصلح وعقدت هدنة في 20 شعبان سنة 588 هـ الموافق فيه 2 سبتمبر سنة 1192م لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر تبدأ من ذاك التاريخ بعد أن أجهدت الحرب الفريقين التي بموجبها تنحصر مملكة بيت المقدس الصليبية في شريط ساحلي ما بين يافا وصور وتظل القدس في أيدي المسلمين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.
كانت علاقة صلاح الدين مع ريتشارد يسودها الاحترام المتبادل والشهامة بعيدًا عن التنافس العسكري فعندما أصيب ريتشارد بالحمى عرض صلاح الدين الأيوبي عليه خدمات طبيبه الشخصي وأرسل إليه فاكهة مثلجة وفي أرسوف عندما فقد ريتشارد جواده أرسل إليه صلاح الدين الأيوبي اثنين محله كما عرض ريتشارد على صلاح الدين فلسطين موحدة للمسيحيين الأوروبيين والمسلمين عن طريق تزويج أخت ريتشارد الأول بأخو صلاح الدين وأن تكون القدس هدية زفافهما على أن يكون ما فتحه المسلمون تحت حكم العادل وما بيد الفرنجة تحت حكم أخت ريتشارد إلا أن الأمر لم يتم إلا أن الرجلين لم يلتقيا أبدًا وجهًا لوجه وكان التواصل بينهما بالكتابة أو بالرسل.