حمدي رزق
تهنئة مستحقة لوزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، حصيلة مشروع صكوك الأضاحى بلغت 105 ملايين جنيه، المبلغ وّفر 1105 أطنان لحوم كفت حاجة مليون و105 آلاف أسرة، مشكور كل من ضحى بصك من أجل فقير، التكافل الاجتماعى مجسدًا.
تخيل هذا المبلغ تم استثماره فيما ينفع الناس، تخيل تم توجيهه لإنشاء مستشفى فى الصعيد، تخيل هذا الرقم تم استثماره فى إنشاء مدارس فى شمال سيناء، تخيل هذا الرقم المليونى ذهب إلى إقامة مجمع للصناعات الصغيرة فى «كحك بحرى» بالفيوم لعلاج البطالة المتفشية بين شباب قرى الفيوم الفقيرة التى أصبحت مأوى لطيور الظلام.
الأمر يقينًا يحتاج إلى اجتهاد فتوى عصرى، إلى فتوى من مفتى الديار المصرية، الدكتور شوقى علام، لإجازة إنفاق عوائد الصكوك فى مشروعات الخدمة المجتمعية، وتحويل مساراتها من شراء أطنان اللحوم إلى شراء مستقبل البشر ووقايتهم من الأمراض، أو إتاحة فرصة تعليمية، أو إعالة أسرة بفرصة عمل، لماذا قصر الاستفادة من هذه الملايين على شراء اللحوم وتوزيعها فى أيام العيد، ثم نجلس جوار الحائط نندب حظوظ التعليم والصحة فى الموازنة العامة.
الأمر يحتاج إلى نقلة نوعية فى المصارف الشرعية لزكوات المصريين، المصارف الشرعية يقينًا تغيرت بحسب حاجات البشر، ملايين الزكوات بل ملياراتها تتسرب من بين أيدينا فى مصارف كانت مستوجبة فى صدر الإسلام، ما ينفع الناس ظاهر للعيان، والمكوث عند المصارف المستقرة منذ عقود خلت قعود عن الاجتهاد المطلوب لصالح البشر.
أقول قولى هذا اجتهادا مستوجباً، وأترك الفتوى لأهلها، هل يجوز استخدام الصك فى غير الأضحية، وهل ذهاب الصك إلى منفعة محققة يحرف مقصده الشرعى، كلها أسئلة تصح طرحًا مستقيمًا لا افتئات فيه على صحيح الدين، وتحتاج إلى اجتهادات عصرية، وهذا باب من أبواب تجديد الخطاب الدينى، كما أعتقد.
وزارة الأوقاف نجحت فى تجميع صكوك الأضاحى، وهذا يؤكد على مصداقيتها وثقة المضحين فى مصداقيتها، وهذا تحول طيب، كما أن الزكوات باتت تقصد أبواب الأزهر الشريف، هذه الثقة يستوجب تطويعها فى إقناع عموم المسلمين بأن المصارف الشرعية تغيرت، وما يحتاجه البيت يحرم على الجامع.
لم يعد مستساغًا ألا يجد طفل مكانًا فى مدرسة، أو مريض سريرًا فى مستشفى، ونخصص الملايين لشراء لحوم الأضاحى، وأعتقد أن مولانا شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، عليه واجب الاجتهاد العصرى فى هذه المسائل الحياتية، التى باتت ملحة ربما أكثر من توزيع اللحوم المذبوحة شرعيًا على الفقراء.
نقلا عن المصرى اليوم